لمحة عن حياة الأديب الروسي الشهير أنطون تشيخوف

منذ أربعين عاماً ، عندما كنت في الخامسة عشرة ، عثرت في طريقي على ورقة نقدية ، منذ ذلك اليوم لم أرفع وجهي عن الأرض !! أستطيع الأن أن أحصي ممتلكاتي ، كما يفعل أصحاب الثروات في نهاية حياتهم .. فأنا أملك 2917 زراً ، و 34172 دبوساً ،و 12 سنة ريشة ، و 13 قلماً ، ومنديلاً واحداً ، وظهراً منحنياً ، ونظراً ضعيفاً ، وحياة بائسة ..

• هذه تعتبر أشهر قصة قصيرة في عالم الأدب وكاتبها ملك القصص القصيرة وأحد أعظم الأدباء الروس :

أنطون بافلوفيتش تشيخوف Антон Павлович Чехов

• وُلد انطون تشيخوف في 29 يناير 1860، وهو الثالث من ستة أطفال بقوا على قيد الحياة في – تاغانروغ ـ جنوب روسيا
يصف المؤرخون والد تشيخوف بالكاذب المخادع ، بل إنه نموذج في النفاق في التعامل مع إبنه. أما والدة تشيخوف، فكانت أمرأة بسيطة ذات خيال واسع خصب وكانت تقص على أبناءها حكايتها مع أبيها تاجر القماش الذي كان يسافر إلى جميع أنحاء روسيا ، و يقول تشخيوف :

“حصلنا على مواهبنا من آبائنا”
أما الروح فأخذناها من أمهاتنا”.

• يذكر أن تشيخوف كان لا يحب الدراسة والتقيد بالقوانين المدرسية، حيث تم احتجازه في المدرسة لمدة عام بسبب فشله 15 مرة في امتحان اليونانية !

واشتهر هناك بتعليقاته الساخرة ومزاجه وبراعته في إطلاق الألقاب الساخرة على الأساتذة، وكان يستمتع بالتمثيل في مسرح الهواة وأحيانا كان يؤدي أدوارا في عروض المسرح المحلي. وقد جرب يده آنئذ في كتابة “مواقف” قصيرة، وقصص هزلية فكهة، ومن المعروف أنه ألف في تلك السن أيضا مسرحية طويلة اسمها “دون أب” لكنه تخلص منها فيما بعد !!

إقرأ أيضاً في موقع لحن الحياة

أجمل صور صباحية صور صباح الخير رائعة لكل صباح

أسباب ظهور بقع زرقاء في الجسم

إبداع اللغة العربية في حروف القرابة

القصة التي أثارت جدلا قصة الفتاة أم النمر للأديب الأمريكي فرانك ستوكتون

• كان أنطون عاشقًا للمسرح وللأدب مُنذ صغره، وحضر أول عرض مسرحي في حياته (أوبرا هيلين الجميلة) لباخ عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، ومنذ تلك اللحظة أضحى عاشقًا للمسرح،و كان ينفق كل مدخراته لحضور المسرحيات، وكان مقعدهُ المفضل في الخلف نظرًا لأن سعره أقل .

• كان تشيخوف مجبر لدفع تكاليف التعليم الخاصة به لأنه في عام 1876، أعلن والد تشيخوف إفلاسه بعد إفراطه في الحصول على التمويل لكي يبني منزل جديد، وعاشت عائلته حياة فقيرة في موسكو وكانت والدته مدمرة عاطفيًا وجسديًا.

• في عام 1879، أتم تشيخوف تعليمه وانضم لعائلته في موسكو، بعد قبوله في كلية الطب في جامعة موسكو.

• تولى تشيخوف مسؤولية دعم جميع أفراد الأسرة،
ودفع الرسوم الدراسية عنهم، كان يكتب يوميًا مختصراً استكشافات فُكاهية ومقالات قصير من الحياة الروسية المُعاصرة تحت أسماء مستعارة .

• بدء دراسته في كلية الطب وفي نفس الوقت بدء ينشر قصصه القصيرة الفكاهية والساخرة حيث كان يصهر الواقع في قوالب من السطور والكلمات ليشكل أجمل المعاني وأبسطها من خلال القصص والحكايات ،ومن أمثال تلك القصص الحرباء و القناع

وأيضا في كتابه الرويات والروايات القصيرة والمسرح حيث أبدع في وصف السهوب كأنما يرسم لوحة رائعة وفي نبرته الواجدانية موسيقى أروع وأجمل ، وأشاد العظيم تولستوي بموهبته وقال :
“إنه بوشكين في النثر “

• في عام 1884، تخرج كطبيب، التي أعتبرها مهنته الرئيسية وقد أحرز القليل من المال من هذه الوظيفة وكان يُعالج الفُقراء مجانًا .

• كان تشيخوف دائما يشعر بالتواضع والبساطة لم يكن لديه الفكرة عن معنى العظمة والكبرياء بالرغم من كل شئ وصوله
يذكر أنه كان يهتم لحال مدرسي الريف ويساعدهم متى أستطاع ، وقد زاره أحد المدرسين ذات مرة ، وأخذ يقول كلمات كبيرة ويحمر وجه ليثبت في حضور تشيخوف كم هو مثقف وعلى درجة كبيرة من العلم وكان تشيخوف ينظر له ببساطة ويحادثه عن الأطفال في المدارس!!

وفي نهاية اللقاء شد المدرس على يد تشخوف وقال :
لقد جئت أليك خائف وأرتعش وكأنني ذاهب إلى السلطات
و حولت أن أكون أمامك أنسان غير عادي ، ولكني أتركك الأن وأنت صديق لطيف طيب وتتفهم كل شئ ، سوف أودعك ولدي فكرة أن العظماء حقاً هم أبسط الناس .

قد تكون مجرد أنسان عادي موظف منسي كالبقية لكن بقلبك
وأنسانيتك سيذكرك الناس بالعظمة بعد موتك .

• لقد ظل طوال حياته يعيش حياة بسطية لا يتكلف على الأطلاق ، يحاول أن يكون حراً في داخله لا يلقي بالاً إلى ما يتوقعه وينتظره الآخرون من تشيخوف ولا يهتم برأي الناس فيه لأن كلام الناس عزيزي القارئ ليس سوى تراهات صدق هذا .

• في عام 1890، قام تشيخوف برحلة شاقة بالقطار وعن طريق عربة تجرهاالخيول، وبباخرة إلى الشرق الأقصى “، لكي يصل إلى جزيرة تسمى ” سخالين ” في شمال اليابان، حيث قضى ثلاثة أشهر فيها وقام بإجراء مقابلات مع الآلاف من المحكوم عليهم !! تُعتبر رسائل تشيخوف التي كتبها خلال رحلته الممُتعة شهران ونصف الشهر لسخالين من أفضل ما كُتب في حياته.

• بعد وفاة والده في عام 1898، أشترى تشيخوف قطعة أرض في ضواحي مدينة يالطا وبنى فيها فيلا، عندها انتقل مع والدته ومن ثُم شقيقته في العام التالي إليها. زرع فيها الأشجار والزهور في يالطا وحافظ على الكلاب واستقبل الضيوف مثل ..
( ليو تولستوي ومكسيم غوركي )!

• بحلول مايو 1904، كان أنطون تشيخوف مُصابًا بمرض السل. وأشار ميخائيل تشيخوف إلى أن “جميع من رأوه شعروا بداخلهم أن نهايته ليست ببعيدة” والغريب في الأمر أنه كان لا يهتم بعلاجه وكان يعيش وكأنه معاف تماماً .. لكن لماذا ؟!

-هل لأنه أدرك العالم بشكل كبير فعلم أنه لافائدة من البقاء فيه ؟
-هل لأنه كان متشائم ؟ – لكن ما أعرفه أن الذي يفكر في الانتحار والرحيل ليس سوى المتفائل الذي صفع من العالم عندما كان ينتظر شئ ولم يحصل له بالمجان ، أما المتشائمين فليس لديهم فرق بين الموت والحياة الأمران سيان عندهم حيث يعيشون كأنهم أموات هاربة من القبور .

• رحل تشيخوف عن العالم وكأنه طفل برئ حيث أن روح الدعابة البرئية ظلت بداخله دائما وتقول زوجته أولغا عن الدقائق القليلة قبل وفاته :

– كان غير إعتيادي وقال بصوتٍ عالٍ وبوضوح (مع أنه لم يكن يتقن اللغة الألمانية):Ich sterbe (“أنا على شرفة الموت”). فقام الطبيب بتهدئته وحقنه بمادة الكافور وأمر بإحضار الشمبانيا له. شرب أنطون كأس كامل منه ومن ثم ابتسم لي وقال: “لقد مضى زمن طويل منذ أن شربت الشمبانيا”، عندما شربه جلس على جانبة الأيسر بهدوء وكان لدي الوقت لأذهب إليه وأستلقي بقربه وناديته، لكنه توقف عن التنفس وكان ينام بسلام وكأنه طفل.

• نقلت جثة تشيخوف إلى موسكو في سيارة السكك الحديدية المبردة. دُفن تشيخوف بجانب والده .

• كان يتحدث بإخلاص وصدق ودفء ثم يضحك على أحاديثه وعلى نفسه .. تلك الابتسامة الحزينة الرقيقة .. أبتسامة بها طيف شك .. أبتسامه رجل عرف قيمة الكلمات والأحلام

• طبيب وكاتب مسرحي ومؤلف قصصي من العيار الثقيل
ينظر إليه على أنه من أفضل كتاب القصص القصيرة على مدى التاريخ،ومن كبار الأدباء الروس. كتب المئات من القصص القصيرة التي اعتبر الكثير منها إبداعات فنية كلاسيكية، كما أن مسرحياته كان لها تأثير عظيم على دراما القرن العشرين.بدأ تشيخوف الكتابة عندما كان طالباً في كلية الطب في جامعة موسكو، ولم يترك الكتابة حتى أصبح من أعظم الأدباء، واستمرّ أيضاً في مهنة الطب ومعالجة الفقراء والمساكين مجاناً

وكان يقول : إن الطب زوجتي والأدب عشيقتي

ابراهيم ماهر
ابراهيم ماهر

العلم يجعلنا نعبر عما في أنفسنا بطريقة سامية ويهذب نفوسنا وينير أعماقنا فنشفى من أمراضنا وهو طريق الهامنا

المقالات: 1439

تغمرنا السعادة برؤية تعليقاتكم .... اترك رد