أراد إبليس أن يوقع سيدنا ذو الكفل في الخطأ، فأمر الشياطين قائلاً ” عليكم بذي الكفل، أوقعوه في الزلل” “، فعندما عجزوا عن ذلك، قال لهم ابليس : دعوني وإياه .. فجاءه إبليس في صورة شيخ عجوز فقير، بينما كان ذو الكفل عليه السلام يأخذ مضجعة للقيلولة لينام، فهو لم يكن ينام الليل تعبداً لله عز وجل، وكان يقضي في الناس حتي الظهر، ثم يأتي بعد ذلك ليأخذ قيلولة في منزلة، ثم يعود ليقضي بين الناس إلي الليل، وهكذا كانت حياته .
أراد إبليس ان يثير غضب ذي الكفل وبذلك يكون قد أوقعه في الخطأ، طرق بابه ساعة قيلولته ففتح ذو الكفل الباب وسأل : من أنت، فقال إبليس : أنا عجوز كبير في السن، وأتيتك في حاجة، ففتح ذو الكفل الباب وبدأ يستمع إلي الشيخ وهو يحدثه عنه خصومة بينه وبين قومه الذين ظلموه، وأخذ يماطل كثيراص في الحديث، حتي حان موعد مجلس ذو الكفل بين الناس، وفات وقت قيلولته وراحته ولم ينم، فقال ذو الكفل : “عندما أذهب لمجلس القضاء، فأتني وأنا آخذ لك حققك”.
خرج ذو الكفل لمجلسه ولكن الشيخ لم يحضر المجلس، وعقد المجلس من جديد في اليوم التالي ولم يحضر الشيخ ايضاً، وعندما عاد ذو الكفل إلي منزله ليأخذ القيلوله جاء الشيخ مرة أخري، فقال له ذو الكفل : ألم أقل لك أن تأتني في مجلس القضاء ؟ فقال إبليس : إنهم قوم خبثاء وإن عرفوا أنك جالس في مجلسك يقولون لي نحن نعطيك حقك، وبمجرد أن تقوم من مجلسك جحدوا حقي من جديد، فقال ذو الكفل ” فانطلق هذه الساعة فإذا ذهبت مجلس القضاء فأتني ” .
ومرة أخري فاتت قيلولة ذو الكفل عليه السلام وذهب إلي المجلس ولم يأتي الشيخ، وشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله ” لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النعاس ” ، وأخذ ذو الكفل مضجعة لينام، فأتي الشيخ فمنعه الرجل من الدخول، فقال إبليس ” لقد أتيت أمس وذكرت له أمري وإني أريده الآن “، فقالوا له : لقد أمرنا ألا ندع أحد يقربه، فلما زاد عناد الرجل وتصميمة علي ألا يدعه يدخل، نظر فوجد ثقب في المنزل فدخل منه، ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال للرجل : ألم آمرك ألا تدع أحد يدخل علي او يقترب من الباب حتي انام، فقال الرجل : والله لم ندع أحداً يقترب، فانظر من أين دخل” .
قام ذو الكفل فوجد الباب مغلق كما أغلقه، ولم يكن هناك أى منفذ لدخول الرجل إلي المنزل فعرف حينها أنه ابليس، فقال : “ما أنت إلا عدو الله إبليس”، فقال ابليس : نعم، فسأله ذو الكفل عن سبب فعله لكل هذا، فقال ابليس : “لقد سلطت عليك الشياطين لتوقعك في الزلل فلم تقدر، فأردت أن أثير غضبك وأجعل صبرك ينفذ فتقع في الخطأ”. وهكذا لم يستطع إبليس تغيير شيء من صفات ذو الكفل الذي ظل صابراً حليماً لا يغضب، فسماه الله ذو الكفل لأنه تكفل بأمر فأوفى به.