بين احلام اليقظة اقف على عقارب ساعتي اللاسعة المتوقفة يوم غاب عني كل شعورٍ بالحياة، اقف لاناديكَ واشاديكَ واهاديكَ في ليلي وفي صحوتي، أيا ليت تنفع المناداة.
قمت بكتابة قصة او خاطرة من الخيال منذ اشهر عن امرأة فقدت زوجها في الحرب بعنوان :
بين جنة وجودك ونار غيابك بين فراديس حضورك، وجحيم فقدانك
“هدأ الليل ونام كلُّ من عليها.
وآن الأوان للّيل أن يعيد نفسه اليوم أيضًا.
جاء من عمله متأخرًا فوجدني نائمة، جلس بجانبي وبدأ بتحريك أطراف أصابعه على رموشي لأستيقظ، أبديتُ انزعاجي لتأخرهِ عليَّ وفي ذات الوقت أكتم ضحكتي لما يفعله، فقال لي يا طفلتي لا تكتمي ابتِسامتكِ وفرحتك لوجودي، فإني أراها على وجهِكِ : تعالي لنُحيي ليلتنا كما كلّ ليلة، يا حوريتي في الدنيا وفي الجنة!
بدأنا بعمل طقوسنا الليلية: أشعلتُ شمعتنا المميزة التي تستحضر الدفئ والحنين وتُعطي رونقًا أخّاذًا للمكان، ووضعتُ غطاءً حريريًا على الطاولة من أجلِ أن أضع فوقها قهوتنا وشمعتنا، ولم أنسَ نثر ورودٍ من الياسمين ليكتمل سحرُ المكان..
جلستُ قرب النافذة ومرّت لحظاتٌ، ليأتي وبيده وشاحً وضعه على كتفي ثم شغّل الموسيقى وجلس قربي..نظرتُ إلى الوشاح وبدأت اتَحسسُ دفئَهُ ثم رفعت رأسي وعينيّ تفيضُ امتنانًا، لكي أتأمّله، لكن لم أجده .. نعم إنه ليس هنا، نهضتُ فزعةً، كما لو أني كنت أستمتعُ بتأملِ مشهدٍ غايةً في الروعة ليأتي أحدهم ويغيّرَ المحطة لفلم رعب في لقطةٍ فظيعة، بكيتُ وفكرتُ بصوت عالٍ قائلة لماذا ذهبتَ؟
لماذا ذهبت، ولم تعد، لقد وعدتني بأنك ستعودُ دومًا.
وعدتني بأن كل ليلةٍ معًا سنعطيها اسمًا.
ووعدتني بليالٍ عديدة ما زلت أنتظرها ..وأنتظرك.
تناولتُ فنجاني لأرتشف الرشفة الأولى..ها قد بدأ الانتظار، ها قد بدأ الغرق في نهر ليس فيه نهر.. ها قد بدأ السكرُ دونَ خمر ..أمسكتُ قلمي لأخطّ أولى الكلمات ..ليلُنا ابتدأ يا سيدي ..يا سيد العشق وسيد السهر والليل .. هل تسمعُ أنيني؟..يقال بأن احساس العاشق يصل هل وصلكَ احساسٌ مذبوح من العشق..أدركتَ يا عزيزي مسبقًا بأن وقتي المقدس ينتهي بانتهاء الليلِ عند حلول الفجر ..فهلاّ أتيتَ قبل انتهاء العمر والوقت؟
لأنك وحدك من يدرك أني في هذا الوقت أسقط على الأعراف بين الجنة والنار ..أنتظر مَجِيئكَ وأخاف عدمهِ إن أتيتَ فسأدخل جنتي وإن لم تأتِ ..سأُقذف من غير سابق إنذار إلى نار الشوق والعذاب ..فانتظاري عقوبة ولهذا أسألُكَ ان تأتي ياالله، امحُ من ذاكرتي اليوم الذي ذهب فيه ولم يعد بسبب حربٍ مجنونة، قتلتني وقتلت آلاف النساء مثلي فذهب ولم يعد.
خُذ ياالله عمريَ كلّهُ وأرجعه لي يومًا واحدًا فقط لأبثّ له حزني وكم أضناني حبهُ وكم خانني الليلُ بدونه، وأصبح من جوعه يأكلني ويذيبني كالشمعةِ ويُحرقني، وبأن عيني تعَذبانني ورموشي تتوق جدًا لحركةِ أصابعهِ عليها كُلَ ليلة ليوقظها من جديد
أقسم انَ قلبي يعتصر كما الحبر الذي ينزفُ كلماتٍ مكتوبةٍ بالدم في هذه الرسالة الأخيرة”
.
الكاتبة شفاء اللباد 🌸