ترجع أول إشارة في السجلات التاريخية لإجراء عملية جراحية بغرض التجميل وليس العلاج إلى نصوص كتبت في وقت ما من عمر الدولة الفرعونية القديمة ما بين 3000 إلى 2500 قبل الميلاد، حيث تشرح تلك النصوص إجراء عملية لترميم أنف مكسور لشخصية مجهولة يُرجح أنه كسر في إحدى العمليات الحربية، كما عرف الهنود، والصينيون والعرب أشكالاً متعددة من عمليات التجميل.
الانتقال النوعي في عمليات التجميل:
لفترة طويلة بقيت عمليات التجميل تنحصر في إصلاح أو إخفاء أو حتى التقليل من الضرر الذي أصاب أحد أعضاء الجسم الظاهرة نتيجة مرض أو حادثة أو غير ذلك من العوامل التي تؤدي إلى تشوه العضو، التحول الكبير حدث فقط في بدايات القرن العشرين الذي شهد للمرة الأولى انتقال الغرض من عمليات التجميل من إصلاح الأضرار التي أصابت أعضاء الجسم إلى محاولات حثيثة لزيادة كمال الأعضاء السليمة وإبراز جمال الوجه والجسم مع القضاء على أي عيوب قد تسبب الإحراج للمريض.
توسّعت وتشعّبت جراحة التجميل هذه الأيام، حيث ساعد التطور العلمي الهائل الذي شهده العالم خلال السنوات القليلة الماضية في إيجاد الكثير من التقنيات والعلاجات التي تستخدم في جراحات التجميل التي تستهدف كل من الوجه والجسم على حد سواء. وهذا بهدف القضاء على أي عيوب في مظهر وشكل المريض قد تؤثر على صحته البدنية أو النفسية.
العمليات التجميلية في وقتنا الحالي :
وقد ازدادت نسبة هذه العمليات بكثرة في السنوات الأخيرة، فقد أُجري ما يقارب 15 مليون عملية تجميلية في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2013 فقط، وتزداد هذه النسبة كل عام، وتتضمن عمليات التجميل تقريبًا جميع أجزاء الجسم الخارجية.
ولكن القرار بالإقدام على هذا النوع من العمليات لا يجب أن يكون سريعًا وعشوائياً، فهي تحمل نسبة مخاطر واختلاطات طبية، بالإضافة إلى أن الكثير من عمليات التجميل الفاشلة لا يمكن تصحيحها مستقبلًا، مما يعطي المريض مظهرًا غير مرغوب طيلة حياته، ولذلك يجب على المريض استشارة أكثر من طبيب والبحث جيدًا في موضوع عملية التجميل قبل الإقدام عليها.
الأسباب الكامنة وراء تغيُر الغاية من إجراء عمليات التجميل:
يمكننا في النقاط التالية إبراز أهم العوامل التي أدت إلى تغير أسباب عمليات التجميل من مجرد إصلاح الأضرار إلى ما يمكن أن نسميه موضة بين قطاعات عريضة من الأشخاص:
تطور تقنيات الطب بشكل كبير:
يعتبر هذا العامل هو العامل الأساسي في تحول أسباب عمليات التجميل إلى أسباب أقل إلحاحاً، فمع تطور التقنيات وكذلك ظهور أساليب تقلل مخاطر هذه العمليات إلى أدنى حد ممكن، مثل اكتشاف المطهرات والمعقمات ووسائل التشخيص مثل الأشعة وأجهزة الفحص، وكذلك اكتشاف بنج التخدير الذي مكن الأطباء للمرة الأولى من إجراء الجراحات بدون ألم على الإطلاق، مع كل هذه العوامل أصبح من الممكن إجراء الكثير من هذه العمليات بشكل أسهل كثيراً من الماضي.
ومن الجدير بالذكر أن إجراء العمليات الجراحية، حتى البسيط منها، قبل القرن العشرين كان محفوفاً بمخاطر كثيرة منها حدوث الإلتهابات والعدوى والغرغرينا وغيرها، والتي كانت في غالبية الحالات تؤدي إلى وفاة المريض، لم يتغير الأمر إلا بعد انتشار استعمال طرق التعقيم الحديثة مثل الفينول والكحول والتعقيم بالبخار والتعقيم باللهب.
التجديد بهدف التغلب على الملل:
فمع تطور مقاييس الجمال العالمية بسرعة خلال السنوات الماضية، أصبح الملل من الشكل التقليدي أمرًا شائعًا، ومن أجل التغلب على هذا الأمر يتم اللجوء إلى جراحة التجميل مثل تكبير ورفع الثدي أو رفع المؤخرة وغيرها من الإجراءات التجميلية المختلفة.
قلة الثقة في النفس:
فعندما يعاني أي شخص من مشاكل جمالية في الوجه أو الجسم، ستهتز ثقته بنفسه، وتتأثر تعاملاته مع الآخرين. ولذلك أصبحت جراحات التجميل طوق النجاة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص.
إرضاء شريك الحياة:
ففي بعض الأحيان وخاصة بعد الحمل والرضاعة قد يحدث زيادة في الوزن وترهلات لبعض أجزاء الجسم، وهو ما قد يسبب الضيق لشريك الحياة. وبالتالي تلجأ الزوجة إلى البحث عن حلول لإرضاء الزوج.
الرغبة في تقليد المشاهير:
فمع الانفتاح العالمي وتأثر ملايين الأشخاص بالنجوم والمشاهير الذين يظهرون في مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، زاد التأثر بهم والرغبة في تقليدهم والحصول على ابتساماتهم البيضاء المتراصة، قوامهم الممشوق، شفاههم الممتلئة وغيرها من التفاصيل المثالية التي يرونها على الشاشات.
إنتشار ثقافة الإهتمام والعناية بالجسد والمظهر
نتيجة لظهور السينما والتلفاز وانتشار الجرائد والمجلات ووسائل الإعلام التي أصبحت تقدم صورة نمطية عن الرجل الوسيم والمرأة الجميلة عن طريق استعراض أجسام الممثلين والعارضين والمغنيين والرياضيين، مما دفع قطاعات عريضة من الناس إلى محاولة تجميل أجسامهم للوصول إلى هذه الصورة المثالية التي يرونها من حولهم على الدوام.
يعتبر هذا العامل أحد الدوافع الرئيسية في تحول أسباب عمليات التجميل من علاج التشوهات إلى تجميل الجسد الطبيعي الخالي من العيوب.
كشفت إحصائية أعدتها الجمعية الأمريكية لجراحي التجميل أن عدد جراحات التجميل في الولايات المتحدة في 2015 قد بلغ أكثر من 1.7 مليون عملية، منها حوالي 280 ألف عملية لتكبير الثدي، وحوالي 222 ألف عملية لشفط الدهون، وحوالي 217 ألف عملية لتصغير وتجميل الأنف، وحوالي 203 ألف عملية لتجميل الأجفان، وحوالي 128 ألف عملية لشد البطن.
إرتفاع مستويات المعيشة:
حيث لم يعد اهتمام الناس محصوراً بتوفير الطعام والشراب والمأوى، بل برزت اهتمامات كانت تعتبر ثانوية في ما مضى، مثل الإهتمام بشكل الجسم والمظهر، ومن الملاحظ أن معدل إجراء جراحات التجميل يتناسب بشكل طردي مع مستوى الدخل.
تقدر الجمعية الأمريكية لجراحي التجميل تكلفة العمليات الجراحية التجميلية التي أجراها الأمريكيون في 2011 بـ 10 مليارات دولار.
عمليات التجميل وسوق العمل:
بروز أهمية المظهر في الحصول على وظائف في مجالات مربحة بشدة مثل العمل في التمثيل أو الدعاية والإعلان أو عرض الأزياء، أو حتى في وظائف عادية لا علاقة لها بالمظهر، لكن المظهر المثالي فيها يعتبر واحداً من عوامل النجاح والترقي.
أسباب عمليات التجميل الأكثر شيوعاً:
تستأثر النساء بنسبة 90% من إجمالي عمليات التجميل التي تجرى حول العالم، وهذا أمر متوقع بالنظر إلى الاعتبارات الثقافية التي تعلي من شأن الجمال بالنسبة للمرأة، وبدون الأخذ في الاعتبار عمليات التجميل التي تجرى لعلاج آثار الحروق والتشوهات الخلقية والحوادث والإصابات، تعتبر الأسباب التالية هي أكثر أسباب عمليات التجميل شيوعاً حول العالم.
الجراحة التجميلية للوجه:
باعتبار الوجه نافذة الروح وأهم جزء من أجزاء الجسم على الإطلاق، خاصة لدى النساء، نجد أن جراحة التجميل الخاصة بالوجه قد اهتمت بأدق التفاصيل حيث سنجد مثلًا جراحات خاصة بشد الرقبة، جراحات تجميل الأنف، جراحات تجميل الأذن، جراحات شد الوجه، وأخيرًا جراحة تجميل الجفن.
جراحة تجميل الجسم:
اختلفت معايير الجمال كثيرًا عن السابق، وأصبحت العديد من النساء تتسابق فيما بينها للحصول على جسم مشدود خالِ من العيوب، ومشابه لأجسام فاتنات ونجمات هوليود. وبالتالي أصبحنا نجد ارتفاعًا ملحوظًا في نسب المرضى الذين يخضعون لعمليات جراحة التجميل، كجراحة تجميل البطن مثلًا والتي تشمل شفط الدهون بالليزر وشد البطن وشفط الدهون بالفيزر. هذا بالإضافة إلى جراحات تجميل الجسم الأخرى مثل شد الذراعين ونحت القوام ورفع المؤخرة وجراحات إنقاص الوزن.
جراحات تكبير الثدي:
تجرى هذه الجراحة الشائعة جداً لزيادة حجم الثدي لدى السيدات من أجل إظهار جمالهن وتعزيز ثقتهن بنفسهن، يتم إجراء الجراحة عن طريق إحداث شق أسفل الثدي أو أعلاه وإدخال الحشو الذي قد يكون مادة السيليكون أو البوتوكس أو المحاليل الملحية، أيضاً قد تجرى جراحات شبيهة لشد الثدي أو إخفاء ترهلاته.
جراحات شفط الدهون:
تعتبر هذه الجراحة شائعة جداً بين كلاً من النساء والرجال، ويصفها الأطباء لحالات السمنة المفرطة المستعصية بعد تجربة الحلول البديلة التي تشمل الحمية والتمارين الرياضية والأدوية التي تقلل الشهية أو التي تزيد من معدلات الأيض، وكذلك من الممكن التفكير في هذا الحل كحل أخير بعد تجربة جراحات تدبيس وتحويل مسار المعدة، تعتبر هذه العمليات مثيرة للجدل بين الأطباء حول جدواها في إنقاص الوزن على المدى البعيد.
جراحات تصغير وتجميل الأنف:
لا يرضى الكثير من الأشخاص عن حجم أو شكل أنوفهم، فالأنف الكبير أو المفلطح يعتبر من علامات القبح، لذلك تعتبر هذه العملية من عمليات التجميل المطلوبة بشدة لكلاً من النساء والرجال.
جراحات تكبير وتجميل الشفتين:
برزت موضة الشفة المليئة في السنوات الأخيرة كمظهر من مظاهر الأنوثة، لذلك ترغب الكثير من النساء في إجراء هذه الجراحة المشابهة لجراحة تكبير الثدي، للحصول على شفة مليئة وجميلة.
جراحات إزالة الترهلات والتجاعيد:
بعد الحمل أو مع تقدم العمر يصاب الجسد أو مناطق معينة فيه بالترهل والتجاعيد، هذه الجراحة تهدف إلى شد الجلد وإزالة أو إخفاء آثار الحمل أو العمر بشكل نهائي، يتم إجراء هذه الجراحة في حالة عدم نجاح الأساليب الطبيعية أو الدوائية في علاج المشكلة.
جراحات إزالة الشعر بالليزر:
هذه الجراحة تعتبر ضمن جراحات التجميل، وفيها يخضع الشخص إلى عدة جلسات يقوم فيها بالتعرض إلى كمية محددة من أشعة الليزر للتخلص من نمو الشعر نهائياً في مناطق معينة من الجسم، تعتبر هذه الجراحة بديلاً عن طرق إزالة الشعر التقليدية.
المضاعفات المحتملة لعمليات الجراحة التجميلية:
أي شخص مقبل على إجراء جراحة التجميل يتساءل عن المضاعفات الجانبية للجراحة التي يريد إجراءها، حتى يكون على وعي كامل بكل جوانب الجراحة الإيجابية والسلبية قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة الهامة.
لا تتساوى خطورة وسلبيات جميع أنواع جراحات التجميل، حيث تختلف الخطورة باختلاف نوع الجراحة التجميلية والمنطقة المستهدف تجميلها.
فالمرضى الذين لديهم سوابق مرضية قلبية أو رئوية أو داء السكري أو بدانة يملكون نسبة أعلى لتطوير مخاطر واختلاطات من عمليات التجميل، كالتهاب الرئة والجلطة الدماغية والقلبية والخثرات الدموية في الطرفين السفليين والرئتين، ويمكن أن يرفع التدخين من نسبة حدوث هذه الاختلاطات أيضًا، كما يزيد من الفترة اللازمة للبقاء في المستشفى.
- يعتبر التعرض للنزيف والتهابات الجرح من المخاطر محتملة الحدوث والتي يجب وضعها بالحسبان.
- التورم والكدمات أمر طبيعي الحدوث خاصة عندما يتعلق الأمر بجراحات نحت الجسم وشفط الدهون.
- الجلطات من المخاطر واردة الحدوث بعد جراحة التجميل.
- مخاطر التخدير الكلي من الأمور المهمة التي يجب الالتفات لها عند الإقدام على إجراء جراحة تجميلية.
- الإنتان الموضعي في مكان العملية، وهذا يمكن أن يزيد من شدّة الندبة وقد يتطلب جراحة لاحقة.
- تجمّع السوائل تحت الجلد. النزف الخفيف، والذي قد يتطلب جراحة لاحقة، أو النزف الشديد الذي قد يتطلب نقل الدم.
- الندبات الواضحة أو تمزّق الجلد. الأذيات العصبية والخدر في مناطق إجراء العملية، والذي يمكن أن يكون دائمًا.
- احتمالية خروج النتيجة النهائية على عكس المتوقع أمر وارد الحدوث عندما يتعلق الأمر بعمليات جراحة التجميل.
نصائح مهمة قبل إجراء جراحة التجميل:
من المهم أن نتعرف على بعض الأمور التي يجب عليك القيام بها لتتجنب مخاطر جراحة التجميل قدر الإمكان، والتي نذكر منها:
- أهمية اختيار الطبيب: فكلما كان الطبيب معروفًا وذو سمعة طيبة وخبرة طويلة في نفس مجال الجراحة، كلما كان ذلك مؤشرًا على نجاح العملية.
- أهمية اختيار المركز الطبي: فكلما كان المركز الطبي الذي سيتم إجراء الجراحة التجميلية فيه كبيرًا ومجهزًا بأحدث الأدوات والأجهزة الطبية وغرف الجراحة المتخصصة كلما كان ذلك أفضل.
- أهمية إجراء التحاليل الطبية والفحوصات اللازمة: حيث يعتبر هذا الإجراء ضروريًا وهامًا للغاية قبل الخضوع لأي عملية جراحية بشكل عام.
- أهمية استشارة الطبيب: قبل اتخاذ القرار بإجراء جراحة التجميل، من المهم استشارة طبيب متخصص أولًا لينصحك بما يتناسب معك.
- لا ينصح أبدًا بتجريب أي إجراء طبي حديث أو الخضوع لأي جراحة جديدة لم تثبت نتائجها بعد. فمن الأفضل الانتظار حتى يتم تجربتها بشكل موسع حتى تتمكن من الحكم عليها معرفة نسب نجاحها.
- البحث الجيد عن السلبيات والآثار الجانبية لكل إجراء جراحي أنت مقبل على الخضوع له.
- تجارب المرضى السابقين من الأمور الهامة للغاية والتي يجب عليك البحث عنها ومعرفتها قبل اتخاذ قرارك بالإقدام على جراحة معينة.
لا شك أن تغيير خلق الله تعالى محرّم، إلا في بعض الأحيان إذا كان تشوه أو بسبب حادث أو حريق أو ماشابه..
وكل شخص لهُ جماله الخاص الذي يميّزه عن غيره..ولا ننسى قول الله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) فلماذا نذهب ونغيّر خلقه ونلعب بها؟
وأعتقد أن عمليات التجميل أخفت الملامح الطبيعية للكثير من الناس.. وأدت إلى تشابه ملحوظ في ملامح الوجه خصوصاً، ومع هذا الاستنساخ التجميلي يفقد كل شخص خصوصية شكله، ولا يوجد مثل الجمال الطبيعي.
[…] عمليات التجميل انتقلت من مسمى الضرورة الى الموضة!! […]
[…] عمليات التجميل انتقلت من مسمى الضرورة الى الموضة!!!.. […]
[…] عمليات التجميل انتقلت من مسمى الضرورة الى” الموضة”!!!.. […]