فمٌ مفتوحٌ وأسنانٌ ولسان .. صخورٌ حمراءٌ بلون الدماء .. قطرات دمعٍ تهطل منذ الأزل .. آثار كف جبريل عليه السلام .. لفظ الجلالة متمازجٌ في الصخر .. ليس خيالاً أو مشهداً من القيامة .. بل هي مغارة الدم .. مقام الأربعين معلم دمشقي على جبل قاسيون , لكنه ليس كأي معلم ..
“مغارة الدم” في جبل قاسيون بين التاريخ والأسطورة
أساطير وحكايات في واحدة من أعلى نقاط جبل دمشق الشهير “قاسيون” , يقع مقام أثري كثير يعرفونه وقيليون زاروه أو عرفوا قصته , تحدثت عنه العديد من الروايات التاريخية التي تعود إحدى لإولى الحكايات البشرية ” حكاية قابيل وهابيل” .
إنه مقام الأربعين مغارة الدم كما سماها الأهالي , مزار يبعد عن مدينة دمشق, ولكن الوصول إليه يستغرق ساعة من الزمن والعناء , حيث تبدأ رحلة وصول المغارة من “حي ركن الدين” على سفح قاسيون صعوداً حتى بلوغ “حي الشيخ محي الدين ” والوصول إلى نقطة محددة لبداية السلم الحجري الذي يؤول نحو المقام , والذي يتألف من حوالي 650 درجة .
وهنالك يتربع مسجد صغير ومقام إلى جانب مغارة الدم .
أول جريمة في تاريخ البشرية
الصورة الأشهر حول هذا المكان الغامض تقول أن اسم مغارة الدم جاء من أنها كانت مسرحاً لأول جريمة عرفها التاريخ , حين قتل قابيل أخاه هابيل , والغريب أن تضاريس المكان تحكي تفاصيل ما جرى.
إذ تظهر في زاوية المغارة فتحة تمثل فماً كبيراً , يظهر فيه بوضوح لسانٌ وأضراسٌ وأسنان , سقف الفم منحوت بتفاصيل متقنة , وبحسب الرواية فقد فتح الجبل فمه من هول الجريمة .
كذلك فإن لون حجارة المغارة الأحمر ترجعه الأسطورة لدماء هابيل القتيل , كذلك في سقف المغارة شقٌ صغير تنزل منه قطرات ماء يقال أنها دموع الجبل على مقتل هابيل , تتموضع في جرنين صغيرين يقعان تحت القطرات تماماً .
وفي سقف المغارة توجد آثار كف ضاغطة يقال أنها آثار كف جبريل عليى السلام , وإلى جانبها كلمة الله منقوشة بالعربية!
إقرأ أيضاً في موقع لحن الحياة
حراس دمشق
حكاية أخرى عن البقعة المليئة بالأسرار والأساطير , حيث يقع مقام يضم رفات أربعين ولياً يقال أنهم هم من يحرسون دمشق , بحسب مقولة أهل الشام عنها “ إنها محمية بأربعين ولياً من كل سوء” .
وتقول الأسطورة أن أربعين رجلاً صالحاً أقاموا في هذه المغارة يصلون ويتعبدون , وكانوا هاربين من ظلم أحد الطغاة , فشقَّ الجبل لهم ليحميهم , حتى أن إحدى الروايات تقول أن ” دم شق ” الجبل فسميت ” دمشق“.
مغارة الجوع
كذلك تقول الحكاية أنهم لم يكونوا يملكون إلا رغيفاً واحداً من الخبز , لم يقبل أي منهم تناوله تفضيلاً للآخرين على نفسه , مما أدى في نهاية المطاف إلى وفاتهم جميعاً من الجوع وبقاء رغيف الخبز على حاله , وهذا هو سبب تسمية البعض للمغارة ب ” مغارة الجوع”.
كثيرة هي الروايات والأساطير حول هذا المكان , إذ تروي مرور أنبياء وأولياء وصالحين بهذه المغارة والتعبد فيها , فيقال أن النبي يحيى ابن زكريا أقام فيها أربعين عاماً.
كذلك يقال أن مسجد الأربعين كان ديراً في زمن الرومان , ومعبداً وثنياً في زمن الآراميين .
وبغض النظر عن صحة الروايات أو عدمها , فإن لمغارة الدم تاريخ لا يمكن نكرانه , يشهد عليه البشر والحجر ..