كانت الكنيسة الأوربية في العصور الوسطى شديدة القسوة على العلماء، وكانت تقمع كل محاولة للابتكار أو البحث العلمي؛ في سبيل أن تظل لها السيطرة الكاملة على الناس، وجباية الأموال، وأخذ القرارات المصيرية، بل وفي سبيل أخذ قرار الغفران من عدمه، لعبد أخطأ أو ارتكب ذنبًا!!
من هذا المنطلق حدث صراعٌ رهيب بين رجال الدين والعلم في أوربا، وعليه فقد توقفت حركة العلم في أواسط القرن السادس عشر الميلادي ولم يتوقف ذلك إلا عند بداية النهضة العلمية والثورة العلمية الأوربية، والثورة على الكنيسة!
ولا تكاد تنتهي القصص والروايات التي تصف ظلم الكنيسة الأوربية الكاثوليكية، ولا يخفى على أحد محاكمات كوبرنيكس ومحاكمات جاليليو وغيرهم.
هذا الواقع المظلم عاشته أوربا قرونًا طويلة، سُمِّيت بالعصور المظلمة، وقد رسَّخ في أذهان العلماء والفلاسفة (أمثال ديكارت وفولتير) وعموم الناس أنه لا أمل في طلب العلم إلا بهدم سلطان الكنيسة، وبمحو الدين تمامًا من الصدور، والاتجاه إلى الإلحاد بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ.
فقامت الثورة الفرنسية 1789م وحملت ما رسخ في أذهان الناس من رفض للدين وهدم لسلطان الكنيسة وقد كان شعارها اقتلوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس، فأعلنت صراحة معارضتها للكتب المقدسة؛ لاحتوائها على ما يتعارض مع الحقائق العلمية، ولاعتقادهم بأن الدين -كما رأوا- هو اضطهاد للعلم والعلماء، وهو الحجر على العقول.
وقد راحوا يدعون بعد ذلك إلى إعلاء العقل، وحجتهم أن العقل يستطيع إدراك الحقائق العلمية، ويستطيع التمييز بين الخير والشر.
وعندما نشأة الجمعية الوطنية الفرنسية أصدرت قرارات سنة 1790م تجبر رجال الكنيسة على الخضوع للدستور المدني، ثم جاء القانون الذي أقرته الحكومة الفرنسية عام 1905م بفصل الدين عن الدولة على أساس التفريق بينهما.
وقد توالت القرارات بعد ذلك لتعم دول أوربا كلها، ليتقلص بذلك دور الكنيسة من محاولة السيطرة على أمور العلم والسياسة في أوربا وتظهر على الساحة العالمية الفكرية فكرة فصل الدين عن الدولة أو الحياة..
وللأسف الشديد..
أخذ بعض المسلمين الجهله الذين يسمون انفسهم الان بالعلمانيه والليبراليه ومن يسيرون على دربهم من جهلة المسلمين فكرة الألحاد كما فعلوا الاوربيين وظنوا أنها السبيل للتقدم والصعود الحضاري وحاولوا الانسلاخ عن دينهم وغفلوا عن التجربة التاريخية للأمة الإسلامية التي شهدت صعودا حضاريا عندما تمسكت بدينها وعقيدتها في الوقت الذي كانت فيه أوربا تتنكر لدينها وتقدم العقل.