كلما شعرنا بالألم وهرعنا لخزانة الادوية في المنزل تنتابنا الحيرة عندما نجد أن الدواء المطلوب منتهي الصلاحية لتبدأ سلسلة الأسئلة تدور في رأسنا حول إمكانية استخدامه أو تشكيله خطراً على صحتنا أو أن نرميه ونتخلص منه..
فما رأي العلم في ذلك؟
ما تاريخ انتهاء الأدوية؟
فرضت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) منذ 1979م قانوناً يجبر شركات الأدوية على كتابة تاريخ الانتهاء على جميع الأدوية.. ..
وما يعنيه هذا التاريخ أن الشركة المصنعة تضمن سلامة الدواء وفاعليته 100% منذ تصنيعه إلى حين الوصول إلى تاريخ الانتهاء المطبوع على العلبة..
هذا بشرط التزام معايير حفظ الأدوية بالطريقة السليمة المُوصَى بها، وبشكل عام تتراوح مدة انتهاء معظم الأدوية بين 12 و60 شهراً.
لكن الأبحاث التي أجرتها إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) توضح أن 90 % من أكثر من 100 دواء – سواء كانت وصفة طبية أو بدون وصفة طبية – جيدة للاستخدام حتى 15 سنة بعد تاريخ انتهاء الصلاحية، فيما عدا بعض الأنواع.
ويكشف تقرير “Medscape ” أن تواريخ انتهاء الصلاحية لا تشير إلى المدة التي يكون فيها الدواء “جيدًا” أو “آمن” للاستخدام، ونتيجة لذلك تقول السلطات الطبية بشكل موحد إنه من الآمن تجاهل معظم تواريخ انتهاء الصلاحية لفترة طويلة.
اقرأ أيضاً في لحن الحياة:
ماهو الوقت الأفضل لتناول أدوية الضغط
كيف يتم تحديد تاريخ صلاحية الأدوية؟
لتحديد فترة الصلاحية، تقوم شركات الأدوية بعمل «اختبارات ثبات» لمنتجاتها الدوائية.
وتتم هذه الاختبارات على مراحل مختلفة، حيث يتم تخزين الدواء في غرف خاصة لفترات معينة في درجات حرارة ورطوبة مختلفة تحاكي ظروف التخزين العادية والمتوسطة والمتطرفة (40°C +/- 2°C)..
وذلك بهدف وضع الدواء تحت أقصى ظروف تخزين ممكنة يمكنها أن تسرع من تدهور المنتج خلال فترة قصيرة.
ثم يتم أخذ عينات لتحليلها كل فترة، مثلاً بعد 0، 3، 6 أشهر، لرؤية التغيرات الطارئة على التركيبة الدوائية أثناء التخزين.
تمتد فترة الصلاحية لمعظم الأدوية من عامين إلى 5 أعوام كحد أقصى. ومع هذا، قد تمتلك العديد من الأدوية فترات صلاحية أطول من المقررة، فقط لا يوجد من يختبرها.
هل هناك مخاطر لاستخدام الأدوية منتهية الصلاحية؟
قد يكون هذا السؤال بسيطاً لكن إجابته معقدة بعض الشيء..
في الحقيقة لا توجد تقارير منشورة عن حدوث تسمم بسبب ابتلاع، حقن، أو دهان تركيبة دوائية مستخدمة حاليًا بعد انتهاء تاريخ الصلاحية..
وذلك كما تقرر دراسة منشورة بصحيفة The Medical Letter on Drugs and Therapeutics عام 2016.
ففي دراسة أجراها مركز مكافحة السموم التابع لكلية الصيدلة جامعة كاليفورنيا عام 2012..
تم فحص 8 أدوية (14 مادة فعالة مختلفة) بصيدلية بيع بالتجزئة، مر على انتهاء صلاحيتها مدة تتراوح من 28 إلى 40 سنة..
وذلك بهدف اختبار فعاليتها الدوائية ، واتضح من النتائج أن 86% من المواد الفعالة المختبرة احتفظت بفعاليتها الكاملة..
(أي موجودة بتركيزات ≥ 90%)، حتى أن ثلاثة منها كانت موجودة بتركيزات تتعدى الـ 110%.
وبالتحديد الأدوية الصلبة كالحبوب والكبسولات..
ولكن إدارة الغذاء والدواء تحذّر من فهم هذه المعلومة بشكل خاطئ درءاً للمخاطر التي قد تنتج عن استهلاك أدوية منتهية الصلاحية في بعض الحالات.
وفي نفس السياق يقول الباحث الرئيسي للدراسة لي كانتريل:
«لو كنت أنا الشخص شديد الحساسية للدغة النحل، سأرغب في أخذ دواء ينقذ حياتي. في الوقت ذاته إن كان قلم Epipen منتهي الصلاحية هو كل ما أملك، سوف أستخدمه. فهو أفضل من لا شيء»..
وذلك بشرط أن المحلول ليس معكرًا أو أصفر اللون.
مع ضرورة أن يؤخذ الأمر في الاعتبار من قبل مصنعي الدواء، لإعادة تقييم تاريخ صلاحية المنتج والنظر في إمكانية إطالته..
اقرأ أيضاً في لحن الحياة:
الأدوية المأمونة والضارة في الحمل
الأمر لا يخلو من المخاطر:
تقول إليسا بيرنشتاين، نائب مدير مكتب المطابقة بإدارة الغذاء والدواء (FDA):
«إن تاريخ انتهاء صلاحية الدواء جزء مهم في تقرير ما إذا كان المنتج آمنًا للاستخدام وسيعمل كما هو مرغوب».
الأدوية ما هي إلا مركبات كيميائية معرضة لأن تفسد بمرور الوقت وتغير الظروف المحيطة.
وخطورة المنتجات منتهية الصلاحية تأتي من احتمالية حدوث تغيرات كيميائية أو فيزيائية بالتركيبة الدوائية قد يترتب عليه أن تصبح الكمية المتاحة من المادة الفعالة غير كافية لتحقيق الأثر العلاجي المطلوب.
وقد يصبح الأمر شديد الخطورة إن تحول دواء منقذ للحياة لدواء غير فعال.
على سبيل المثال، أقماع المينوفيللين المستخدم لعلاج ضيق التنفس في مرضى الربو وأمراض الجهاز التنفسي.
وقد يتكسر المركب الأصلي لمركبات جديدة قد تكون سامة أو مضرة بصحة المريض.
كيف نتعامل مع الأدوية المختلفة بعد فتحها:
-
المضادّات الحيوية السائلة (الشراب) أو المُعلَّقة:
الدواء المعلق هو الذي يكون عادةً على هيئة بودرة تجري إذابتها في الماء عند فتح العلبة وتحتاج إلى الرّج قبل كل استخدام. يجب الانتباه إلى أنّ انخفاض فاعلية هذا الأدوية قد يسبب عدم علاج العدوى الموجودة حسب إدارة الغذاء والدواء..
فيما قد يسبّب هذا مشكلة خطيرة في حال تطوّر مقاومة العدوى للمضادات الحيوية التي يحذّر منها الطبيب الجراح هومان نورشم أخصائي المناعة في تقرير نشره موقع Drugwatch الطبي..
باعتبارها أحد أكثر التهديدات إلحاحاً على الصحة العامة للإنسان والحيوان والبيئة.
-
الإنسولين:
انخفاض فاعلية الإنسولين يشكّل خطراً على قراءات السكر في الدم لدى مرضى السكري..
وتشير فاننيسا قادري الطبيبة ورئيسة قسم الغدد الصماء في مركز Kaiser Permanente South Bay الطبي بولاية كاليفورنيا الأمريكية..
إلى أن عدم انتباه مرضى السكري إلى تاريخ انتهاء الإنسولين الخاص بهم من الأخطاء الرئيسية التي يواجهونها في تعاملهم مع الإنسولين.
يُحفظ الإنسولين في الثلاجة قبل الفتح، وبعد فتح العبوة فيجب استهلاكه خلال شهر مع حفظه بدرجة حرارة الغرفة أي 25 درجة مئوية.
يفقد فاعليته بشكل سريع بعد انقضاء تاريخ صلاحيته، وبما أنّه يُستخدَم لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها من أمراض القلب فإنّ أيّ انخفاض في فاعليته يُعدّ تهديداً لصحة المريض.
-
الحبوب والكبسولات:
لا يختلف تاريخ انتهاء الحبوب والكبسولات عن ما هو مكتوب على علبة الدواء في حال كانت على شكل أشرطة، أمّا في حال الاحتفاظ بها في منظم الأدوية فتتقلص صلاحيتها إلى 8 أسابيع.
-
اللوشن والسوائل الخارجية:
6 أشهر من تاريخ فتح العلبة إلا في حال وجود نصائح أخرى تتعلق بالشركة المصنعة.
-
الكريم والمرهم على شكل مضخة:
تاريخ الانتهاء هو نفسه المطبوع على العبوة.
-
الكريم والمرهم على شكل أنبوب:
3 أشهر من تاريخ فتح الأنبوب.
-
الكريم والمرهم على شكل علبة:
شهر واحد من تاريخ فتح العلبة إلا في حال وجود نصائح أخرى تتعلق بالشركة المُصنعة.
-
قطرات ومراهم العين والأذن والأنف:
شهر واحد من تاريخ فتحها إلا في حال وجود نصائح أخرى تتعلق بالشركة المصنعة.
-
البخاخات:
تاريخ الصلاحية كما هو مكتوب على العبوة.
هل يمكن تمديد تاريخ انتهاء الصلاحية؟
وافقت إدارة الغذاء والدواء على تمديد تاريخ صلاحية الدواء عند توفر البيانات الداعمة للتمديد للمساعدة في التخفيف من نقص الأدوية.
فيمكن للشركة المصنعة للدواء تمديد تاريخ انتهاء صلاحية المنتج الدوائي بناءً على الاختبارات الخاصة بها والبيانات المقبولة اعتمادًا على البروتوكول المعتمد.
وأخيرًا..
على الرغم من جميع ما سبق وتأكيد استمرار فاعلية الكثير من الأدوية التي نستخدمها بشكل يومي وسلامتها كمسكنات الصداع والألم بعد مرور تاريخ انتهائها فإن هذه ليست دعوة لاستخدامها، وتذكر دوماً أن الطبيب والصيدلاني هما المصدر الصحيح في حال راودتك أي شكوك أو أسئلة خاصة بتاريخ انتهاء دواء ما.