تطوي حكاية الأيّام بين صفحاتها أجزاءً ثلاثة لسيرةِ طه حسين، إنه الابن السابعُ لأبيهِ من بين الثلاثة عشر ابناً، تربّى في أحياء الصعيد حيث أرياف مصر، لاذَ باهتمام والديهِ ورأفةِ إخوته على أنّ الاهتمامَ هذا لعلّة، لم يصحبه حبّاً إنّما انغمس بشيءٍ من شفقة مخصوصة للابن الكفيفِ.
سيرة حياة كفيف وقدرٌ لا بدّ منه
بدأ حياته في حفظ القرآنِ رغم كفاف بصره على يدِ شيخٍ مهمومٍ بمصلحته المادّيةِ وقدْرِه بين رجالة القرية، برزَتْ ملامحُ شقاوة حسين في مرحلة الكتّاب وما واجهه من ظروف فريدة وصعاب، وكان لا بدّ من معرفة أنّ كفيفاً مثله معلومُ القدر، فإن استطاع حفظ القرآنِ انتهى به الأمرُ بحلقةِ طلّابٍ يستلمها مستنداً بظهره لأحدِ أعمدة المساجد.
على خُطا حلمٍ غير عاديّ
لكنّ حلمه تخطّى تلك الصورة التقليدية، ليصلَ إلى الأزهر، ويرسم لنفسِه مكاناً بين طلابه ومرتاديه، وقد سبقه إليه أخٌ له أكبر منه، وأخذ من علوم الأزهر الدينية وتثقف بثقافته، إلى أن وصل مرحلةً تسمح له بارتياد الجامعة المصرية فدرسَ من اللغات السريانية والحبشية والعبرية وما تيسر له من تاريخ و جغرافية وحضارة إسلامية، ونال شهادة الدكتوراه بما موضوعه يختص بأبي العلاء المعري الذي يتّحدُ معه في الآفة ويختلف معه في المصير والنهاية.
بعثته الدراسية إلى فرنسا
تم ايفاده إلى مونبيليه الفرنسية بظروفٍ خاصّة وبعد إصرارٍ وإرادةٍ وعناد، نالَ من العلومِ ما نال في جامعتها، وتخلّلت فترة دراسته عوامل مصيرية تحول بينه وبين غايته، وانتهى بهِ المطافُ متزوّجاً بحسناء فرنسية سوزان بريسو اعتادت مساعدته بالقراءة له، وكانَ أن زواجه ذاك حطّم معنى عجزه عن عيشِ حياة المبصرين، وبينَ كسرٍ وجبرٍ، نالَ ما نالَ من علم وثقافةٍ ولم توقفهُ محنه عن السعي والمثابرة رغم تربّصها الدّائم.
اقرأ أيضاً في لحن الحياة
كشف سر أخطر كتاب في العالم كتاب يقتل كل من يقرأه
قصة حقيقية عن نعمة الستر و إمساك عاملة مطعم تسرق الطعام
ومن أقواله
” ويلٌ لطالبِ العلم إن رضي عن نفسه”
العبرة من حكاية الأيام
فالأيّام حكاية فيها من الرّسائل والوصايا والعِبَر، ما لا يمكن ردّه للحظ بقدر ردّه للمثابرة والنهوضِ بعدَ كلّ سقوط، وسطورٌ سخيّة بالمواقفِ الموتّرة أحياناً، الموجعة أحياناً، والملهمة أحياناً أخرى،
فالظّروفُ شمّاعةُ الفاشلين أمّا الذين آثروا الوقوفَ والمضيّ عن التراجع والتنْحّي خذلوا أنفسهم كما لم تخذلهم الحياة من قبل.