قصة غريبة من كتاب مواقف لا تنسى
كتاب مواقف لاتنسى من تأليف السفير صالح بن محمد الغفيلي يروي العديد من المواقف التي كانت مؤثرة ولها بصمتها في حياتها ولكل موقف عنوان مختلف خصه الكاتب به وبين كل قصة وضع الكاتب حكمة من اختياره إليكم قصة غريبة مقتبسة من الكتاب.
غني لكنه فقير
ـ مده قصة من الواقع القريب حكاها لي شخص أثق به ، رأيت أن أرویا کا سمعتها منه ، مع أنها ليست غريبة الحدوث لكنها مستهجنة أن يكون بطلها إنساناً معروفاً ليس فقط من حيث الوجاهة الاجتماعية ، ولكن كونه يملك الكثير الكثير من المال والممتلكات من متاع الدنياة. كان مدعواً إلى عشاء خاص في منزل أحد الموظفين الذين ينتمون إلى فئة محدودة الدخل في المجتمع بحكم طبيعة عملهم ، دعوة لم يكن الداعي يرجو من ورائها صفقة أو جاهـاً من المدعو لمعرفته الجيدة بصاحبه طوال سنوات عمله في فلكه العريض الواسع ، لذلك كانت الدعوة وكانت الاستجابة لها من قبله سريعة وفي أثناء تناول القهوة بعد العشاء قال الضيف للمضيف من قبيل المزاح إلكم يا هذه الفئة – يعني فئة الموظف الداعي وزملائه
إقرأ أيضاً في لحن الحياة
وصفة سهلة لعمل المعمول بطحين وسميد
الأطعمة التي يجب الابتعاد عنها في شهر رمضان
– لا يجرؤ الواحد منكم أن يتزوج بثانية خوفاً من زوجته الأولى قال المضيف ، من دون تردد : لا يا سيدي ليس الأمر كذلك ، إننا حين لا نقدم على الزواج من ثانية أو ثالثة ليس لأننا لا نجرؤ على ذلك خوفاً من الزوجة الأولى ، بل لأن الزواج من حيث هو ، بعد بالنسبة لأمثالنا مشروعاً نضرب من أجله أخماساً وأسداساً قبل الإقدام عليه ، لما يحتاجه هذا المشروع الحيوي وما يترتب عليه من تكاليف مرهقة ومصاريف باهظة لا يقدر عليها من هم على شاكلتنا وفي مستوانا وأردف قائلاً لهذا يا سيدي ولحسابات أخرى لا تخفى علیکم نكتفي بزوجة واحدة نتعايش معها بقلوب راضية وعقول مقتنعة وألسنتنا تردد صباح مساء هذه الحكمة أو القول المأثور ( من عوفي فليحمد الله ) لكننا مع ذلك يا سيدي لا نوصد الباب من دون ذلك بل نتركه موارباً فريازة الخير خير إن وجد وتوافرت الأسباب الداعية لذلك أليس كذلك يا سيدي ؟ وهنا أدرك الضيف بحاسته المحبة لجمع المال والخوف عليه ما يهدف إليه المضيف ، فما كان منه إلا أن أخرج محفظه من جيب ثوبه وفتحها ملوحاً بها أمام الجميع وهو يقول بصوت مسموع من دون خجل أوحياء من الله الذي أنعم عليه بما يملك من متع الحياة ومغرياتها وهو يقول بكل تواضع انظروا إليها إنها خالية كما ترونها لا شيء فيها. وما إن أعاد محفظته الخالية إلى جيبـه بيـد مرتعشة ، حتى نهض متثاقلاً وهو ينظر نحو باب الخروج متجها إليه مسرها وهو بالكاد ع قدميه وهو يتوكأ عـل عصا غليظة المقبض متينة القوام عريضة القاعدة ، لم يلتفت إليهم حتى اختفى داخل سيارته الفخمة. عاد المضيف إلى زملائه بعد أن ودع ضيفه وكله خجل مما سمع من ضيفه الكريم الذي لم يجاف الحقيقة المعروفة عنه فيها قاله وصرح به أمام زملائه معبراً عن بخله وشحه متسائلاً وبحرقة أيعقل أن يكون هذا هو حال ضيفه وهو من هو؟ قائلاً في نفسه سبحان الله وهو يستحضر الآية الكريمة « زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ» لكنها إرادة الله ومشيئته التي لا اعتراض عليها ، فالله يعطي ويطلع فكم من عباده هو غني قابض يديه ، وآخـر هـو مفرط مبذر وبينهما منطقة وسط من الاعتدال فيها الخير كله سيدي الله إليهـا مـن يشاء من عباده سبحانه وتعالى.
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين.