لماذا تأتيك أفضل الأفكار أثناء الاستحمام..حقيقة معترف بها عالمياً، ولكن لم يتم فهمها حتى الآن..
الأفكار العظيمة تأتي أثناء الاستحمام… فلماذا تعمل هذه البيئة الساخنة والبخارية على «تخمير» الأفكار المبتكرة؟
من منا لا يتذكر قصة ارخميدس عندما خرج من الحمام متوجها الى الشارع وهو يقول بصوت مرتقع جدا اوريكا اوريكا..
يعني وجدتها وجدتها حيثُ بذلك اليوم وجد قاعدة ارخميدس للطفو و منا الكثير أيضا بينما هو يستحم يقوم بمراجعة مادة الامتحان كاملة حيثُ الأفكار تأتي بطريقة سلسة وسهلة .
اقرأ أيضاً في لحن الحياة:
فيا ترى لماذا أفضل الأفكار تأتيك وأنت تستحم؟
*تحرير العقل من المهام :
تشير البحوث أنه لا تستطيع تحقيق التفكير الإبداعي أثناء الشعور بالرتابة..
ولكن عند ممارسة الصيد أو تمارين رياضية أو الإستحمام مثل هذه الأنشطة لا تتطلب منك الكثير من التفكير في كيفية أدائها وبالتالي تحرر اللاوعي الخاص بك ويتمكن للعمل علي شئ أخر..
فالعقل في هذه اللحظة يتمتع بهدوء يستطيع فيها تكوين أحلام اليقظة ويقوم الدماغ بإتخاذ قرارات واهداف وسلوكيات وأفكار معينة وذلك من خلال مركز السيطرة في الفص الجبهي لقشرة الدماغ..
وتذهب هذه الأفكار إلي مختلف المناطق في الرأس وتقوم بالعديد من الوصلات الإبداعية الجديدة التي قد يرفضها العقل الواعي.
قد يكون ذلك هو السبب وراء الأفكار المختلفة أثناء الإستحمام والتي تعد أفضل من الأفكار التي تحصل عليها أثناء العمل..
وذلك لأن التفكير أثناء العمل مليء بالمشاكل التي تعطل عملية التفكير في الدماغ ..
أما التفكير أثناء الإستحمام يساعد على تعزيز الفص الجبهي لقشرة الدماغ .
*الإسترخاء :
الحمام يمتلك بيئة إسترخاء وصغير وأمن، مكان مغلق لذلك أنت تشعر بالراحة هناك..
بالإضافة إلي ذلك، ربما يكون وقت الإستحمام هو الوقت الوحيد الذي تنفرد به في نفسك طوال اليوم فهو فرصتك للتخلص من الضغوط الخارجية .
عندما تشعر بالإسترخاء فإن الدماغ يطلق هرمونات السعادة وهو الدوبامين..
وعند تدفق الدوبامين في الجسم يزيد من القدرة علي التفكير بطريقة مبدعة وتظهر موجات ألفا أثناء التأمل والشعور بالسعادة .. ومن المعروف أن موجات ألفا تحفز اللاوعي للمزيد من التفكير الإبداعي .
فعندما تستحم بالماء الساخن سيؤدي هذا الى استرخاء عضلاتك، والاسترخاء يساعد على تهدئة الأعصاب وتخفيف الضغط..
وعندما يخف الضغط الذي حولك سيساعد بالتفكير بشكل افضل.
*تركيز:
بالرغم من أن التركيز المكثف والمتواصل يعد عاملاً مهماً في إنجاز المهام الدقيقة فإن التركيز المفرط قد يحول دون استكشاف عقل الإنسان لما هو أبعد من البديهي.
في بعض الأحيان يمكن لقدر ضئيل من تشتيت الانتباه أن يحتل مساحة من قدرات المرء المعرفية التي تسمح بإطلاق العنان للمخيلة، وهو ما يحدث أثناء الاستحمام.
وفي الوقت الذي يكون فيه المرء شارد الذهن عند تنظيف جسمه، فإن الجزء المتبقّي من عقله يشرع في استكشاف الأفكار غير المعتادة التي قد يتجاهلها إذا اعترضته في مواقف مغايرة.
*الاستحمام لا يطلب منا جهداً:
حيثُ الماء يبدأ بالنزول بعد فتح صنبور الماء وبعد ذلك لا تحتاج الى الجهد الذهني كالقراءة أو الكتابة..
فهكذا عندما نبدأ بشعور بالراحة تبدأ المعلومات بالتدفق كتدفق الماء.
حيثُ اثناء الاستحمام سيكون لك فرصة الابتعاد عن جميع الوسائل الالكترونية من جهاز الحاسوب والتلفاز والهاتف..
وهكذا ستكون لك الفرصة بالسرحان الى أبعد الحدود والحصول على أفضل الأفكار ونسيان المشاكل والذهاب الى عالم اخر مليء بالأفكار والإبداعات.
*صوت الماء وسرعته
حيث صوت الماء الجميل والمريح للأعصاب وسرعته يساعد على اسقاط الأفكار بطريقة سريعة .
اقرأ أيضاً في لحن الحياة:
ماذا يقول العلماء في هذا الشأن؟
تقول كالينا كريستوف عالمة الأعصاب الإدراكية لدى “جامعة كولومبيا البريطانية” في فانكوفر:
“يتفاجئ الناس عندما تأتيتهم أفكار رائعة في أوقات غير متوقعة..
يرجع ذلك إلى السياق الثقافي الذي نشأنا فيه، والذي يقول بأن الحلول تأتي نتيجة للعمل الجاد ويلتقي في هذه القناعة معظم البشر حول العالم”.
وتوضح كريستوف أننا بدأنا ندرك الآن لماذا تأتينا أفضل الأفكار أثناء ممارسة أنشطة اعتيادية..
إذ تشير أحدث الأبحاث إلى أن السبب يكمن في نمط نشاط الدماغ أثناء الاسترخاء أو ممارسة أنشطة روتينية، ويسمى هذا النمط بـ “شبكة الوضع الافتراضي”.
فعندما يعمل الدماغ وفق هذا النمط، تتصل حوالى 12 منطقة من مناطق الدماغ ببعضها بعضًا وتبدأ بالعمل بتناغم.
وتعطينا كريستوف نصيحة ذهبية لاستغلال هذا النمط:
“يجب أن يستمر النشاط الروتيني لفترة كافية تسمح للدماغ بالدخول في حالة عمل مختلفة دون أن نشعر بالذنب حيالها.
يجب أن نشعر بالاسترخاء الكافي، مع انشغالنا بأداء نشاط روتيني يمنعنا من الشعور بالذنب نحو حالتنا العقلية المسترخية. حينها يبدأ العقل بالبحث في أماكن جديدة”.
لا تخش الانغماس في حالة سرحان العقل بشكل اعتيادي. إن السرحان استثمار مفيد في الوقت يسمح للعقل باستكشاف مناطق مجهولة تثمر عن الإبداع
يقول “روجر بيتي” عالم الأعصاب الإدراكية ومدير “مختبر علم الأعصاب الإدراكي” في “جامعة ولاية بنسلفانيا” الأميركية :
“شبكة الوضع الافتراضي هي الحالة التي يعود الدماغ إليها عندما لا يعمل بشكل نشط..
وعلى العكس، عندما ننشغل في مَهام تتطلب التركيز والتحليل والمنطق، يعمل الدماغ وفق نمط أنظمة التحكم التنفيذية، لإنجاز المهام المطلوبة”.
ويوضح بيتي أن شبكة الوضع الافتراضي تؤدي دورًا مهمًا في الإبداع، لكنها ليست النمط المهم الوحيد.
فالشبكات الأخرى تعمل على تعديل ورفض وتنفيذ الأفكار.
الصباح أفضل أوقات الاستحمام:
بحسب مجلة “Thinking and Reasoning” فإن الاستحمام صباحًا هو وقت ذروة الإبداع..
حيث تضعف رقابة الدماغ، وهو ما يمنعك عن حجب بعض الأفكار الغريبة أو الجديدة، والتي تشكّل فرصة للتفكير الإبداعي.
وفي السياق نفسه، تؤكد مجلة «التفكير والمنطق» في تقرير لها أيضًا، أن الصباح هو الوقت الأمثل للاستحمام والوصول لأفكار مُبدعة..
وترى المجلة أن الاستحمام صباحًا هو وقت ذروة الإبداع، إذ يضعف رقابة الدماغ على الأفكار غير العادية..
مما يحول دون حجب بعض الأفكار الجديدة أو الغريبة والتي تفتح الطريق للتفكير الإبداعي، وتُزيد من إمكانية الوصول لأفكار مبدعة.