المرأة مكرمة وحقوقها مصانة وإسلامنا حفظ لها حقوقها ومن أهم ما جاء في القرآن الكريم هو إنصاف المرأة وتكريمها وتحريرها من براثم الظلم وظلم الجاهلية ومن تحكم الرجال بها بغير حق فالقرآن الكريم جاء لينصف المرأة ويعطيها كافة حقوقها المشروعة كونها إنسان وكرّمها بوصفها أنثى، وكرّمها بوصفها بنتاً، وكرّمها بوصفها زوجة، وكرّمها أماً، وكرّمها بوصفها عضواً في المجتمع.
لقد جاء الإسلام وكرم المرأة وبعض الناس جاهلون بالدين وينكرون حقوقها ويعتبرون المرأة خلقت لخدمة الرجل ومن فضل الإسلام أنه كرم المرأة وأكد على اهليتها بالتكليف والمسؤولية والجزاء ودخول الجنة واعتبرها إنساناً كريماً لها كل ما لرجل من حقوق إنسانية لأنهما فرعان من شجرةً واحدة ولديهما أب واحد هو أدم وأم وأحدة هي حواء
وفي ذلك يقول القرآن الكريم: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]
اذاً كيف إنصف القرآن الكريم المرأة:
1-مساواة المرأة للرجل في التكليف والتدين والعبادة: يقول القرآن الكريم: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]
2-التكاليف الدينية الاجتماعية الأساسية: يسوِّي القرآن بين الجنسين ولأفرق بينهما بقوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة]
3-في مساواة المرأة للرجل في الجزاء: ودخولُ الجنّة يقول الله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: 195]، فنصُّ القرآن في صراحة على أنَّ الأعمال لا تضيع عند الله، سواء أكان العامل ذكراً أم أنثى، فالجميعُ بعضهم من بعض، من طينة واحدة، وطبيعة واحدة، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[النحل: 97]. وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]
اقرأ أيضاً في موقع لحن الحياة:
روائع السنة النبوية الشريفة في التعامل مع الزوجة
4-الحقوق المالية للمرأة: لقد نسف الإسلام ماكان عليه الامم السابقة من العرب والعجم من حرمان المرأة من حق التملك والميراث ، فشرع الوصية والإرث لهنّ كالرجال، وأعطاهنَّ حقّ البيع والشراء والإجارة والهبة والإعارة، والوقف والصدقة والكفالة والحوالة والرهن وغير ذلك من العقود والأعمال، ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها، كالدفاع عن نفسها بالتقاضي وغيره من الأعمال المشروعة وكل المال الذي تكسبه المرأة سوآءا من العمل أو الهبة وغيره حق يحرم شرعا أخذه إلا عن طيب خاطر منها. يقول الله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ)
5-المرأة باعتبارها اماً: لم يكرم اي ديناً ولانضاماً عبر التاريخ واعلى من مكانتها مثل الإسلام كما جعل حقّها أوكد من حق الأب لما تحملته من مشَاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية، وهذا ما يقرره القرآن، ويكرره في أكثر من سورة، ليثبته في أذهان الأبناء ونفوسهم، وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14]، وقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف]
6-المرأة باعتبارها بنتاً: كان العرب في الجاهلية يتشاءمون بميلاد البنات، ويضيقون به، حتى قال أحد الاباء ـ وقد بشر بأنَّ زوجه ولدت أنثى ـ: واللهِ ما هي بنعم الولد، نصرُها بكاءٌ، وبرُّها سرقةٌ. يريد أنها لا تستطيعُ أن تنصر أباها وأهلها إلاّ بالصراخِ والبكاءِ، لا بالقتال والسلاح، ولا أنْ تبرَّهم إلا بأن تأخذ من مالِ زوجها لأهلها. وكانت التقاليد المتوارثة عندهم تبيحُ للأب أن يئدَ ابنته ـ يدفنها حية ـ خشيةً من فقرٍ قد يقع، أو من عارٍ قد تجلبه على قومها حين تكبر، وفي ذلك يقول القرآن منكراً عليهم، ومقرّعاً لهم: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ [التكوير: 8 ـ 9].
ويصفُ حالَ الاباء عند ولادة البنات، قال تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58 ـ 59].
7-واخيراً المرأة باعتبارها زوجة: تخيل معي أن بعض الدينات والمذاهب تعتبر أن المرأة رجس من عمل الشيطان يجب الأبتعاد عنه واللجوء الى الزهد والرهبنة والبعض يعتبرها الة امتاع لا اكثر او خادمة لمنزله اما الإسلام يعلِنُ بطلان الرهبانية، وينهى عن التبتل، ويحثّ على الزواج، ويعتبر الزوجية اية من آيات الله في الكون، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم]
وقرر الإسلام للزوجة حقوقا على زوجها، ولم يجعلها مجرد حبر على ورق؛ بل جعل عليها أكثر من حافظ ورقيب من إيمان المسلم وتقواه أولا، ومن ضمير المجتمع ويقظته ثانيا، ومن حكم الشرع وإلزامه ثالثا وأول هذه الحقوق “الصَداق” الذي أوجبه الله للمرأة على الرجل إشعارا منه برغبته فيها وإرادته لها، قال تعالى (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا) [النساء]
فأين هذا من المرأة التي نجدها في ديانات أخرى، فتدفع هي للرجل بعض مالها، مع أن فطرة الله جعلت المرأة مطلوبة لا طالبة؟
وثاني هذه الحقوق هو “النفقة”، فالرجل مكلف بتوفير المأكل والملبس والمسكن والعلاج لامرأته بالمعروف، والمعروف هو ما يتعارف عليه أهل الدين والفضل من الناس بلا إسراف ولا تقتير، قال تعالى (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) [الطلاق: 7].
وكلنا يعرف ويعلم كيف كرم الله تعالى مريم العذراء واختارها من بين نساء العالمين و جعلها القرآن آية في الطهر والقنوت لله والتصديق بكلماته ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ (التحريم، آية : 12).وثالث الحقوق هو “المعاشرة بالمعروف” قال تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء: 19].
(دمتم برعاية الله)
