قال تعالى:

(وقضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا*رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا) الإسراء/23-25.

هل تساءلت يوماً كيف كبرت وأصبحت يافعاً قوياً؟

كم من السهر والعمل والتعب بذل والديك حتى أصبحت شاباً تحمل من الشهادات ما تحمل؟

هل تساءلت يوماً عندما كنت صغيراً  من الذي اعتنى بك وقدم كل مالديه حتى تكبر وتحقق جميع طموحاتك هما الوالدين الذين سهروا من أجلك والذين تعبوا من أجلك، إعلم جيداً أن لهم عليك حقوق من الواجب عليك تأديت هذه الحقوق على اكمل وجه وخص الله تعالى الوالدين بمنزلة عالية، وجعلها من الواجبات الأساسية وأجلها على الإنسان، فطاعة الوالدين وبرهما ترفع من منزلة العبد عند الله وتزيد حياته بركةً و هذه الآية الكريمة جاء تأكيد الله لحق الوالدين وبر بهما حتى جعلها واجبة، مع النهي عن التأفف منهما أو من خدمتهما أو الضجر من ذلك أو نهرهما بالزجر أو الصوت العالي أو اليد وقد قرن الله عز وجل شكر الوالدين بشكره، كما جاء في قول الله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا على وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)

واعلم جيدا ان رحمة الله تنزل بالعباد بسبب صلاح الوالدين لقوله تعالى(وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا)

اقرأ أيضاً:

كيف التعرف على من لدية صعوبات تعلم؟

حقوق الطفل في الإسلام

دعاء الاستخارة في السنة النبوية الشريفة

وأعلم أن من أفضل الأعمال واقرب عند الله بر الوالدين وتكون سبباً في دخول الجنة، فكما روى ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد)

واعلم ان دعاء الوالدين مستجاب ولايرد ابدا كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث دعواتٍ مستجاباتٌ لا شكّ فيهنّ دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد..

وذكر لنا الإسلام حقوق الوالدين على الأبناء وهي:

1-لين الكلام مع الوالدين وحسن الإنصات لهما: قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما: (الكَبائرُ تِسْعٌ: الإشراكُ باللهِ، وقَتْلُ نَسَمَةٍ، والفِرارُ مِنَ الزَّحفِ، وقَذْفُ المُحْصَنةِ، وأكْلُ الرِّبا، وأكْلُ مالِ اليتيمِ، وإلحادٌ في المسجدِ، والَّذي يَستَسخِرُ (أي: السخرية)، وبُكاءُ الوالدينِ مِنَ العُقوقِ. قال لي ابن عمر: أتفرق من النَّارَ وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ قُلْتُ: إي واللهِ، قال: أَحَيٌّ والِدُكَ؟ قُلْتُ: عندي أُمِّي، قال: فواللهِ لو أَلَنْتَ لها الكلامَ، وأطعمْتَها الطَّعامَ؛ لَتَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ ما اجتَنَبْتَ الكبائر) صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (1/35)، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة

2-كرام الوالدين من مالك: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: “أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ”. رواه ابن ماجه (2291)

وفي رواية أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، قَالَ: أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا

3-قضاء الدين عنهما، وقضاء النذور عنهما؛ مثل: نذر الصيام، أو الحج أو العمرة، وكذلك قضاء الكفارات عنهما، مثل: كفارة اليمين وكفارة القتل الخطأ

4-إدخال السرور على الوالدين:كما جاء في حديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه قال: (أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: إني جئتُ أبايعك على الهجرةِ، ولقد تركت أبويَّ يبكيانِ! قال: ارجعْ إليهما فأضحكْهما كما أبكيتَهما) (النسائي وصححه الألباني)

5-الاستغفار للوالدين والدعاء لهما:الاستغفار للوالدين سنة عن الأنبياء وخلق حسن يدل على رحمة الإنسان بوالديه اللذان كانا سبباً في وجوده بعد الله عز وجل، وفيه إحقاقاً لحقهما، ووفائاً لها، كما جاء في القرآن الكريم: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) إبراهيم/41، (رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) نوح/28.

فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ: أنَّى هذا؟ فيقالُ: باستغفارِ ولدِك لكَ) (ابن ماجه وصححه الألباني)

6-ألا يتعرض لسب الوالدين أو يتسبب في ذلك: قال رسول الله ﷺ: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه). قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: (يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)

7-وأخيراً التصدق عن الوالدين: وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: إنَّ أمِّي افتُلِتَت نفسُها ولم توصِ، وإنِّي أظنُّها لو تَكَلَّمت لتصدَّقَت، فلَها أجرٌ إن تصدَّقتُ عَنها وليَ أجرٌ؟ قالَ: نعَم) (ابن ماجه وصححه الألباني)

فكثيراً من الآيات والأحاديث دلت على فضل بر الولدين وأطاعتهما وعدم تفضيل الزوجة على والديك وأعانتهما عند الكبر فبرهم من أفضل الأعمال وعقوقهم من الكبائر وتستوجب غضب الله وسخطه…….. اللهم أطل عمر جميع أباء وأمهات المسلمين وأرحم واغفر كل من مات منهم واسكنهم الفردوس الأعلى بكرمك ياكريم…                           (ودمتم برعاية الله)

 

 

محمد ابو خاطر
محمد ابو خاطر
المقالات: 50

تعليق واحد

تغمرنا السعادة برؤية تعليقاتكم .... اترك رد