إضاءات على الشخصية الزئبقية

لعل المصطلح استخدم للمرة الأولى في دراسة تحليلية للدكتور نبيل راغب في كتابه (الشخصية الزئبقية جذورها وخفاياها)، حيث استقى المصطلح من بطل السيرة الشعبية علي الزيبق، في إشارة للشخصية الانتهازية، المتملقة، أو المنافقة.


علي الزيبق بطلاً شعبيّاً

علي الزيبق ابن حسن رأس الغول الذي قتل مكراً، فولِدَ ابنه بعد أيّام، لتنشط فيه روح التّحايل منذ صغرِه متقمّصاً دور والدِه، آخذاً العهد بالثأر له إن كبر. ينشط في منافسته لدليلة المحتالة لتولي درك بغداد، فما يلبث أن يحبّ ابنتها، فتغالي الأمّ في مهر ابنتها مرسلةً إيّاه لأمصارٍ عدّة، علّه يلقى مصرعه، فالبطل هنا يمتلك إمكانات وقدراتٍ فائقة تصل إلى حدّ الخوارق، وشخصيّته تُحابي عدوّه بالمكر والخداع والمراوغة والزئبقية.

الزئبقية الإيجابية

الزئبقية ليست كلّها شرّ، فقد كانت منفذاً للمصرييّن كما أشار الكاتب لمواجهة الأنظمة الحاكمة للكسب دون مقتَلْ، فالشخصية المصرية لم تضِع أو تنصهر في بوتقة الأنظمة الفاسدة، بل طُبِعت بطابِع الزئبقية ريثما تتبدّد النّظم.

وستجِد في الكتاب تصنيفاً بحسب الأوساط التي نشطت بها الزئبقية.

أنواع الزئبقية

  • الزئبقية الفكرية: حيث تجد تبعات لكون المفكر والأديب زئبقيّاً، ما يجعل فكرَه سُمّاً يستشري في عقول قُرّاءِهِ، ويلوّث تفكيرهم.
  • الزئبقية المهنيّة: فتجِد العامل أو الموظّف يُنافق ويراوغ لرئيسه لتحقيق مكاسب مادّية أو سلطويّة شخصية بحتة، ملقياً المصلحة العامّة في مهبّ الرّيح.
  • الزئبقية السياسيّة: وهي فيما يعتاد أصحاب المناصب النّفاق والانتهازية، وبذل الغالي والنّفيس للديكتاتور، حتّى إذا ما عزفَ نظام دولته إلى الانصراف إلى الديمقراطية، لاذ إلى دولِ الجوار باذلاً الودّ الكذوب إلى ديكتاتورٍ آخر، فالمهم هنا مصالحه الشخصيّة.

اقرأ أيضاً في لحن الحياة

أفضل 8 إضافات لتحسين و تسريع مواقع ووردبرس WordPress

وضع الصورة الشخصية على واتساب بأبعادها الكاملة !!

كيفية قياس ضغط الدم بالجهاز الزئبقي

  • الزئبقية النّسائية: فقد أودى القهر الاجتماعي الذي عانت منه المرأة على يدِ الرّجل الذي وقعَ بدورِه تحت مطرقة الظلم في بيئة عملهِ ونظام حكمه، إلى إفراغ حنقه في المرأة، فطلبت المرأة التّمكين وما وجدته إلى في سجنها المؤبّد الذي سُميَ زواجاً.وما برِحت تصارِعُ بممارستها للزئبقيّة من مداهنة ومراوغة ونفاق، وبكلّ جهل فما زادت على نفسها إلى تضييقاً في بيئة جاهلة يُعتّمها الجهل والفقر.

ختاماً فقد استشرت الزئبقية كوباء، أصابت الأقلّ مناعة أولئك الذين طحنتهم الحياة وأذلّتهم، فقلّصت الكون بالانتماء للذّات فقط، حيث حجبت سلبياتها الإيجابيات القليلة.

عزيزة العبار
عزيزة العبار
المقالات: 91

تغمرنا السعادة برؤية تعليقاتكم .... اترك رد