القاتل في البالوعة

كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل , دخلت هايدي إلى الحمام قبل أن تخلد للنوم , رفعت ثوبها وجلست بهدوء فوق كرسي المرحاض , كانت الوحيدة التي ما تزال مستيقظة في تلك الساعة المتأخرة , أهلها ناموا منذ ساعتين ,

وهناك سكون عميق يخيم على المنزل برمته . كان النعاس قد أثقل جفونها حتى كادت أن تغفو فوق كرسي المرحاض لولا أنها انتبهت مفزوعة لما بدا كأنه ضحكات مكتومة تأتي من مكان ما داخل الحمام , لوهلة حسبت بأنها تتوهم , لكن تلك الضحكات زادت وضوحا وصاحبتها همهمة وضجة مبهمة كأنما هناك شيء يتخبط داخل أنابيب ومواسير الحمام . رعب شديد تملك هايدي عندما بدأت تدرك بأن مصدر الأصوات هو المرحاض الذي تجلس عليه … نعم هناك شيء ما يتكلم ويتحرك أسفل منها !  أرادت أن تقوم , لكنها لم تستطع ! كأنما هناك شيء يتمسك بها ويثبتها بقوة إلى المرحاض , فراحت تصرخ كالمجنونة طلبا للنجدة .

والدا هايدي استيقظا من النوم فزعين على صراخ هايدي فهرعا إليها , طرقا باب الحمام مرارا لكنهما لم يسمعا سوى صراخ أبنتهم وعويلها المخيف , أخيرا قام الأب بكسر الباب , ولشدة دهشتهم كان الحمام فارغا تماما وليس هناك أي أثر لهايدي .. بحثا عنها في البيت بأسره لكن من دون فائدة . أخيرا اتصلا بالشرطة فحضروا على وجه السرعة وشرعوا بتفتيش المنزل , لكن هم أيضا لم يعثروا على شيء , لقد اختفت هايدي وتلاشت تماما .

لكن أثناء بحث وتفتيش أفراد الشرطة حول المنزل أنتبه أحدهم إلى بلاعة في الفناء كان الغطاء قد رفع عنها , فأقترب الشرطي ووجه نور كشافه إلى داخل البلاعة وهاله ما شاهدت عيناه , إذ كانت هايدي تقبع في قعر تلك البلاعة جثة هامدة ! قدماها نحو الأعلى ورأسها إلى الأسفل , رقبتها مكسورة وعيناها مفتوحتان تحدقان برعب نحو الأعلى , والأكثر رعبا كان وجهها , إذ اختفى تماما كأنما قام أحدهم بسلخه بالكامل .

في اليوم التالي أنتشر خبر مقتل هايدي في مدرستها الثانوية كالنار في الهشيم , جميع الطالبات كن مرعوبات لما حل بزميلتهن , لكن كانت هناك أربع منهن هن الأكثر رعبا , خصوصا بعد أن علمن بأن الجثة عثر عليها في بلاعة , فتأكدن بأن موتها لم يكن قضاء ولا قدرا وأنه مرتبط بجريمة مروعة اقترفت بكل خسة ونذالة قبل عدة أشهر وأفلت منفذوها من العقاب . ولم يطل الوقت حتى واجهت تلكم الطالبات الأربع نفس مصير هايدي , اختفين واحدة تلو الأخرى وتم العثور على جثثهن في قعر بالوعة .

الشرطة وقفت حائرة أمام هذه الحوادث المبهمة , إذ كيف يمكن أن يتم سحب شخص ما عبر المرحاض ثم يعثر على جثته داخل بالوعة ؟ صحيح أن المرحاض مرتبط بالبالوعة , لكن كيف لجسد إنسان بالغ أن يمر عبر فتحة المرحاض الصغيرة ؟!! .. بالطبع لا يمكن أن يحدث ذلك في عالم الواقع الذي تحكمه قوانين فيزيائية متعلقة بالكتلة والحجم والاحتكاك , لكن عندما يتعلق الأمر بعالم ما وراء الطبيعة , بالجن والأشباح والأرواح الشريرة .. فكل شيء ممكن .. وقصتنا هذه بالذات لها علاقة وثيقة بالعالم الآخر . ومن اجل أن نفهم طبيعة هذه العلاقة وحقيقة ما جرى فالأجدر بنا أن نعود بالزمن عدة أشهر إلى الوراء , أي قبل مقتل هايدي وزميلاتها , بالتحديد إلى اللحظة التي انضمت فيها طالبة جديدة لمدرستهن الثانوية .

تلك الطالبة كان أسمها كارمن وينستيد , انتقلت مؤخرا إلى المدينة قادمة من ولاية أخرى بسبب ظروف عمل والدها . كانت طالبة متميزة ومحبوبة في مدرستها السابقة لكنها واجهت صعوبة في التأقلم مع المدرسة الجديدة ولم تستطع أن تبني صداقات مع زملاءها الجدد بسهولة , ولسوء حظها فقد تعرفت بعد فترة على مجموعة “شلة” من خمس طالبات متميزات بجمالهن وأناقتهن ومستواهن الاجتماعي الراقي , لكنهن أيضا مغرورات ومتعاليات يهوين السخرية من الجميع . وكانت هايدي هي زعيمة تلك الشلة .

كارمن كانت سعيدة جدا بانضمامها لهذه الشلة المتألقة التي كانت محط أنظار المدرسة , وفي محاولة منها للتقرب أكثر من صديقاتها الجديدات , أو بالأحرى من حسبت بأنهن صديقاتها , فقد باحت لهن ببعض أسرارها الشخصية , وللأسف لم يطل الوقت حتى أصبحت هذه الأسرار على كل لسان داخل المدرسة , وأصبحت كارمن تتعرض للسخرية من قبل بقية الطلاب , وحتى من المعلمات ! وحين عاتبت كارمن صديقاتها في تلك الشلة المتعالية على إفشاء أسرارها حدثت مشاجرة معها انتهت بطردها من الشلة وأهانتها .

ومنذ ذلك الحين صارت كارمن تتعرض للسخرية والتحقير بشكل يومي من قبل الطالبات الخمس الشريرات حتى تحولت حياتها إلى جحيم .

كانت تترك كتبها ودفاترها في الصف خلال الاستراحة فتعود لتجدها ممزقة ومشوهة بكتابات قذرة وشتائم , وأحيانا تفتح حقيبتها المدرسية لتجد بأن أحدهم سكب كمية كبيرة من الزبادي داخلها , ومرة وضعوا براز كلب في ملابسها خلال حصة الرياضة , ومرة قاموا بلصق ورقة على ظهرها من دون أن تشعر مكتوب عليها “عاهرة” وجعلوا الجميع يضحكون عليها , وقاموا أيضا بكسر خزانتها وعبثوا بأغراضها الخاصة وبعثروها .

وكأن كل هذا الأذى لم يكفي لإشباع غرور وعنجهية فتيات الشلة الشريرة فأردن تحقير كارمن أكثر , خصوصا بعدما علمن بأنها اشتكت لإحدى المدرسات منهن .

وقد واتتهن الفرصة ذات يوم عندما كان هناك تمرين على الحريق داخل المدرسة مما يستوجب خروج جميع الطلاب بسرعة من الصفوف وتجمعهم في باحة المدرسة , هنا خطرت لهايدي فكرة جهنمية وشريرة جدا ,

ونالت تلك الفكرة أعجاب صديقاتها على الفور فقررن وضعها موضع التنفيذ , كان هدفهن هو إهانة كارمن والسخرية منها أمام المدرسة بأسرها , فأنتهزن فرصة الصخب الذي رافق تزاحم وتجمع الطلاب في باحة المدرسة وقمن برفع الغطاء المعدني المدور الذي يغطي إحدى البالوعات ثم هاجمن كارمن المسكينة وجررنها من شعرها بكل قسوة ودفعنها إلى داخل تلك البالوعة .

وبعد انتهاء التمرين وتجمع الطلبة في الباحة راحت المديرة تنادي بأسماءهم واحدا تلو الآخر ليعودوا إلى صفوفهم , لكنها حين نادت بأسم كارمن لم تسمع جوابا , فكررت النداء بدون فائدة , أخيرا صرخت بالمكريفون بنفاذ صبر وغضب : ” أين أنتِ يا كارمن ؟ ” .
فصاحت طالبة من بين الجموع : ” إنها في البالوعة !” .
فضجت المدرسة بالضحك , حتى المديرة ابتسمت وقالت عبر الميكرفون : “هيا كارمن أخرجي .. كفى لعبا ”
لكن كارمن لم تخرج رغم النداءات المتكررة , فسارت المديرة بغضب نحو البالوعة المفتوحة , وما أن نظرت داخلها حتى أطلقت صرخة رعب مدوية , فهرع الجميع ليلقوا نظرة , ولقد كان ما رأوه مخيفا بحق , لقد شاهدوا كارمن وهي تقبع بدون حراك في قعر البالوعة , يبدو أنها سقطت على رأسها عندما قاموا بدفعها بالقوة إلى داخل البالوعة مما أدى إلى كسر رقبتها وأصابتها بجروح غائرة أدمت وجهها نتيجة اصطدامها العنيف بالأرضية الخرسانية لقعر البالوعة , كانت رقبتها مكسورة بشكل مروع إلى درجة أن رأسها استدار 180 درجة إلى الخلف فأصبح وجهها في قفاها ! وكانت تنظر إلى الأعلى بعينين مفتوحتين وهناك تعبير مؤثر على وجهها المغطى بالدم , كأنها تقول لمن يراها : ” بماذا أذنبت لكي تفعلوا بي هذا ؟ ” .
الشرطة حضرت إلى المدرسة وتم أخراج جثة كارمن من البالوعة وسلمت لأهلها , والغريب أنه حتى في دفنها لم يأت أحد من زملائها لمواساة والديها , ولذلك ما أن انتهت مراسم العزاء حتى باع والدا كارمن منزلهما وتركوا إلى الأبد تلك المدينة الشريرة الآثمة .

المحققون حاولوا معرفة سبب سقوط كارمن في البلاعة , وعلى الرغم من أن العديد من الطلاب شاهدوا الفتيات الخمسة وهن يدفعن كارمن بكل قسوة وهمجية إلى داخل البالوعة إلا أن أيا منهم للأسف لم يتقدم للشهادة , مما أدى بالنهاية إلى غلق القضية وتسجيلها على أنها قضاء وقدر ونسى الجميع ما كان من أمر كارمن واستأنفوا حياتهم بشكل طبيعي .

لكن لم تمر سوى عدة أسابيع على موت كارمن حتى تعرضت هايدي , زعيمة شلة الفتيات الخمسة الشريرات , للموت بأبشع صورة عندما كانت في حمام منزلها وتم العثور على جثتها في البالوعة كما ذكرنا بالتفصيل في مقدمة القصة , ولم يطل الوقت حتى لحقت بها زميلاتها الأربع بنفس الطريقة .

وليت الأمر توقف عند هذا الحد .. فالشائعات تقول بأن روح كارمن الغاضبة , أو ربما قرينتها , سكنت المكان الذي قتلت فيه , أي البالوعات ومجاري الصرف الصحي ! .. وهي تسعى للانتقام من كل الذين شاركوا في قتلها أو شاهدوا أو سمعوا بالسبب الحقيقي لموتها ولم يتكلموا , وأن هذه الروح أو القرينة الغاضبة تتنقل عبر أنابيب المياه والمواسير من منزل لآخر لكي تنجز انتقامها ,

ولهذا فأن مسلسل اختفاء وموت الطلاب والعثور على جثثهم في البالوعة أستمر حتى بعد مقتل الفتيات الخمسة , فالعشرات من طلاب تلك المدرسة ماتوا بهذه الطريقة البشعة مما اضطر إدارة التربية والتعليم في المدينة إلى إغلاق المدرسة نهائيا .

ليس هذا فحسب , يقال بأن جميع الطلبة المتنمرين الذين يؤذون زملائهم بلا وجه حق ويستمتعون بالسخرية منهم قد يتعرضون للموت بنفس الطريقة البشعة ,

يتم شفطهم عبر أنابيب المرحاض ويعثر لاحقا على جثثهم المشوهة في البالوعة وقد تم سلخ وجوههم بالكامل ! . لذا عليك بالحذر عزيزي القارئ .. لا تؤذ زملائك , ولا تسخر منهم , ولا تقم بتحقيرهم .. أما لو كنت ممن يستمتعون بفعل هذه الأمور السيئة فأنصحك بتجنب الجلوس على المرحاض ,

أقرأ أيضا في موقع لحن الحياة

 تعويذه السحر الأسود والتخلص منها 

لماذا المسلمون لا يأكلون لحم الخنزير

قصة الشاب تيم ماكلين

قصة وعبرة

نساء المتعة أو نساء الراحة

فيلم Shutter 2004

أبخل امرأة في العالم

سواء كان مرحاضكم شرقي أو غربي , فمن يعلم أي يد قد تمتد على حين الغرة من تلك الفتحة الصغيرة أسفلك فتسحبك إلى الداخل وينتهي بك المطاف في بالوعة قذرة مليئة بالمياه الآسنة .

لكن مهلا ! .. هل هذه القصة حقيقة ؟ ..
لا أدرى , هي من الأساطير الشعبية الشهيرة في أمريكا .. والأساطير الشعبية عزيزي القارئ هي قصص يرويها الناس عن أمور وحوادث غريبة ومرعبة يقال بأنها وقعت

تغمرنا السعادة برؤية تعليقاتكم .... اترك رد