يؤدي التهاب البلعوم واللوزتين Pharyngitis and tonsillitis إٍلى الكثير من حالات المرض خلال مرحلة الطفولة، وكذلك في مرحلة البلوغ. تحدث معظم حالات التهاب اللوزتين والبلعوم نتيجة لعدوى فيروسية، لذلك فإن العلاج بالمضادات الحيوية لا يكون ذا فائدة.
الفيروسات التي تسبب التهاب اللوزتين والبلعوم هي فيروس اٍيبشتاين بار (Epstein – Bar virus) (الذي يسبب أيضا مرض كثرة الكريات البيضاء وحيدة النواة – mononucleosis)، فيروس الحلأ البسيط (herpes simplex virus)، الحمة الغدية (adenovirus)، الفيروسة المعوية (Enteroviruses)، فيروسات النزلة الوافدة (influenza viruses)، الفيروسة المكللة (coronavirus)، الفيروسات نظيرات الوافدة النازلة (parainfluenza viruses)، الفيروسة الأنفية (Rhinoviruses) وغيرها من الفيروسات.
الجرثومة العقدية streptococcus A) A) هي الجرثومة الرئيسية المسببة لالتهاب اللوزتين والبلعوم، حيث أنها مسؤولة عن %15-%20 من حالات التهاب البلعوم واللوزتين.
العقدية A هي جرثومة من النوع الموجب حسب صيغة غرام (gram positive). يحتوي جدار الجرثومة على مستضدات (antigen) مختلفة: البروتينات M و T والتي يمكن بواسطتها تصنيف الجراثيم العقدية A الى مجموعات. البروتين M له وظيفة هامة في مدى عنف الجرثومة. فبعد التعرض للعدوى من الجرثومة العقدية A، تظهر في الجسم أجسام مضادة (antibody) خاصة بنوع معين من البروتين M،
لكن ليس بإمكان هذه الأجسام المضادة منع الإصابة بعدوى الجراثيم العقدية التي لها بروتين M مختلف. لذلك، فإنه من الممكن أن تتكرر حالات الإصابة بالتهاب اللوزتين والبلعوم عدة مرات خلال الحياة، وتكون هذه الإصابات ناتجة عن تلقي العدوى بسلالات مختلفة من الجراثيم العقدية A.
من الممكن أن تؤدي الإصابة بالجرثومة إلى المضاعفات، سواء كانت المضاعفات محلية (مثل الخراج – abscess في اللوزتين، التهاب الأذن الوسطى – middle ear والتهاب الجيوب الأنفية)، أو مضاعفات صعبة، في وقت لاحق، مثل التهاب المفاصل الروماتيزمي الحاد (Acute rheumatic fever)، التهاب التأمور (pericarditis)، التهاب عضلة القلب (Myocarditis)، التهاب الشغاف (endocarditis). وأيضا التهاب كبيبات الكلى (glomerulonephritis – نوع من أنواع التهاب الكلى). تعتبر هذه الأمراض نادرة الحدوث، لكنها من الممكن أن تكون مميتة.
مؤخرا تم اكتشاف وجود علاقة بين الإصابة بالعدوى العقدية في البلعوم وبين الاضطرابات السلوكية مثل الاضطراب الوسواسي القهري (Obsessive compulsive disorder) لدى الأطفال والمراهقين.
يشتكي المصابون بتلوث البلعوم الناتج عن الجرثومة العقدية A من آلام في البلعوم، آلام أثناء البلع، الحمى، آلام في الرأس، وأحيانا من تقيؤات متكررة وآلام في البطن. بالاضافة إلى ذلك، فإن أهم ما يميز هذا المرض هو عدم السعال، الإصابة بنزلة برد أو بحة في الصوت. من الممكن، خلال الفحص البدني، تشخيص تضخم في العقد اللمفاوية الموجودة في الرقبة، احمرار منتشر في البلعوم، أو التهاب في اللوزتين مع ظهور راقة (effusion) بيضاء أو صفراء. يجب التنويه الى أن هذه الأعراض لا تقتصر على التلوث الناتج عن الإصابة بعدوى الجرثومة العقدية A، كما أن تلوث البلعوم الناتج عن الجرثومة العقدية A عادة ما يشفى تلقائيا. يعتبر هذا المرض نادر الحدوث لدى الأولاد تحت جيل سنتين، رغم وجوده. لكنه ينتشر بالأساس بين الأولاد بجيل 5-15 عاما.
من المهم جدا تشخيص المسبب للمرض في المختبر اعتمادا على المستنبت (culture)، (في أغلب الحالات يمكن الاعتماد أيضا على فحص سريع لوجود المستضدات العقدية)، وذلك من أجل تفادي العلاج بالمضادات الحيوية، والذي لا حاجة له عندما يكون الحديث عن تلوث غير ناتج عن الإصابة بالجرثومة العقدية A.
يساهم علاج التلوث الناتج عن العدوى بالجرائيم العقدية A، بواسطة المضادات الحيوية، في تقصير مدة الإصابة بالمرض، كما يمنع حصول المضاعفات الموضعية ويقلل من احتمال الإصابة بمرض الحمى الروماتزمية. كذلك، يقلص العلاج المدة الزمنية التي يمكن للمريض خلالها نقل العدوى الى المحيطين به.
تعتبر جميع أنواع الفيروسات العقدية A حساسة للبنسلين (penicillin)، ولذلك فإن البنسلين هو الدواء المفضل لعلاج الأولاد والبالغين المصابين بالتلوث الناتج عن الجرثومة العقدية A. لكن، وعلى الرغم من الاتفاق في مختلف أنحاء العالم على أن الجراثيم العقدية A حساسة للبنسلين، فإن هنالك تقارير تشير إلى فشل البنسلين بعلاج التهاب اللوزتين العقدي لدى %10-%25 من المرضى. يتم تفسير هذه النتائج بوجود جراثيم منتجة لإنزيم البيتا لاكتاماز (beta – lactamase)، حيوائية (aerobic) ولا حيوائية. من هذه الجراثيم، الجراثيم العقدية الذهبية، الموراكسيلا الزلية (moraxella catarrhalis)، المستديمة النزلية (haemophilus influenza) وغيرها.
يؤدي إنتاج هذه الجراثيم لإنزيم الـ “بيتا – لاكتاماز” لتفكيك البنسلين، وبالتالي لنجاة الجراثيم العقدية A. لذلك، هناك من يعالج الالتهابات اللوزية المتكررة الناتجة عن الجراثيم العقدية A بواسطة أدوية أخرى مثل السيفالوسبورينات من الجيل الثاني (cephalosporin)، أو الكلينداميسين (clindamycin)، أو أدوية من عائلة الماكروليدات (macrolides).
تنتشر التهابات اللوزتين المتكررة بشكل واسع، ويشكل علاجها تحديا أمام الأطباء. في الماضي، كان علاج هذه الالتهابات المتكررة يتم من خلال علاج طويل الأمد، وبواسطة عمليات جراحية لاستئصال اللوزتين. لكن كل هذه الطرق العلاجية فشلت، حيث كان يتم تشخص وجود الجرثومة في البلعوم لدى %15-%30 من المرضى بعد انتهاء العلاج. من الممكن أن يكون سبب فشل العلاج ناتجا عن عدم استجابة المريض بالشكل الكافي للعلاج، تفكيك بعض الجراثيم الموجودة في الفم – والتي تنتج البيتا لاكتاماز – للبنسلين، أو بسبب الإصابة بعدوى من جرثومة من نوع آخر.
في حال وجود التهابات متكررة في البلعوم، يجب إجراء فحص مستنبت لأفراد العائلة وعلاجهم، أو النظر في إمكانية استئصال اللوزتين.
إذا كانت لدى المريض حساسية زائدة للبنسلين، فمن الممكن استبداله بأدوية مثل الأريثروميسين (erythromycin) والأزثروميسين (azithromycin). يتم علاج التهاب البلعوم العقدي بواسطة تناول البنسلين لمدة 10 أيام، ومن ثم الأزيثروميسين لمدة 3 أو 5 أيام. في %5-%10 من الحالات كانت هنالك جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية من عائلة الماكروليدات (الأريثروميسين، الأزيثروميسين، كلاريثروميسين – clarithromycin)، مع ذلك يعتبر العلاج بالماكروليدات علاجا بديلا مناسبا في حال وجود الحساسية للبنسلين.