Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the arabic-webfonts domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/u888600242/domains/ilhyh.com/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
مذكرات وخواطر سورية - لحن الحياة

مذكرات وخواطر سورية

 خواطر سورية من مواليد التسعينات 

ـ لطالما يشعر المغترب بالحنين لوطنه وغالباً حين يرجع من سفره يجد أمامه ما اشتاق إليه سواء كله أو الجزء الأكبر منه لكن في سوريا ومع مواليد التسعينات يختلف الأمر…من ذاكرة سورية إليكم هذه الكلمات.

تعود الآن بي الذاكرة إلى أيام مضت.. فيها العديد من التفاصيل التي تهز في روحي الحنين كلما ركد.. وكلما ظننت أنني اعتدت الوضع الراهن… لا كسورية مؤيدة أو معارضة.. بل كأي سورية أتعبتها الحرب وأجواؤها… أتعبها النزوح والانتقال من مكان لمكان بين التارة والأخرى، كأي سورية ألقت الاستقرار من بنات  أفكارها وحتى من قائمة الكلمات التي تتفوه بها.. كأي سورية أصبحت طموحاتها محدودة لأن المستقبل بالنسبة لها هو يوم الغد.. كأي سورية يمكن أن تتردد في شراء أي حاجة من السوق كونها مهددة دوماً بتركها… كأي سورية لم يعد يهمها دراسة ابنها وأخيها ولم يعد يهمها أين مكان وجوده الآن سواء في الغربة أو إلى جانبها بل المهم فقط أنه بخير… لا أكتب هذا اعتراضاً على أمر الله في الحرب… لكن الإرهاق يرغمني على البوح…

إقرأ أيضاً في لحن الحياة 

قصة التاجر مع العفريت كاملة

قصة عمر بن الخطاب وأم الأيتام

طرق للتخلص من آثار الفشل

أعود في ذاكرتي إلى أيام طفولتي.. أيام كنت أستيقظ فيها في الصباح لأرتدي اللباس المدرسي الذي يرتديه جميع الطلاب والطالبات.. وفي الساعة السابعة والنصف تضج القرية بأصوات الطلاب وهم يرددون الشعار… إلى أيام حين كنا نتأخر في العودة إلى المنزل لا يمكن أن يخطر ببالي أمهاتنا إلا أننا اجتمعنا في اللعب في مكان ما… إلى الأيام التي كان يرسلني فيها أبي في الساعة العاشرة ليلاً وأنا طفلة لإحضار الدواء من الصيدلية… إلى الأيام التي كنت أصعد فيها إلى السطح لأرى أضواء الكهرباء في كل مكان وإلى الأيام التي كانت كل واحدة النساء تملك معرضاً من الأواني والأدوات المنزلية في بيتها.. ما هذا الشعور بالأمان؟ ياللعجب! ويعود بي الحنين إلى بيت جدي فقد كانت المسافة بيننا هي ربع ساعة فقط… وكنت أزورهم في كل مناسبة.. والجميل أن جميع المناسبات كانت سعيدة..( العيد، والزيارة الأسبوعية، والسهرات، ومناسبات الخطوبة والزواج والولادة) لم أذكر بينها ما يسؤوني إلا عملية لزوجة خالي.. وعملية أخرى لخالي.. كان بيت جدي كبيراً وواسعاً قد أقاموه في أرض مساحتها ثماني هكتارات مليئة بالأشجار لكنها مع الأسف لم تكن تكفي للعب! فكنا نذهب نحن الأطفال للعب خارجاً إلى ما يسمى بالحرش إلى جانبهم… ولا نعود إلا وقت الطعام وعلى الرغم من أن مساحته كبيرة لكن لم نكن نخف ولم يخف أحد علينا من الخطف ومن غيرها…ومن غيره… لقد أخذنا حقنا باللعب تماماً حتى أصبحنا نشتاق للعودة لبيت جدي لنركض ونلعب و نقطف الأزهار ونبحث عن المكان الأبعد في الحرش.. حتى نصبح في الطرف الثاني منه.. كم أتمنى الآن لو أعود لأمشي فيه قليلاً وأنا حافية لكن مع الأسف لا المسافة تسمح ولا الحرش موجود فقد تم جرفه وجعله نقطة عسكرية… ويعود بي الحنين مرة أخرى لمدرستي التي كنت أحزن لفراقها في كل صيف، كنا نجتمع نحن الفتيات ونخطط لدراستنا وللجامعة، كانت كل واحدة منا تتحدث عن أحلامها، عن التخصص الذي ترغب فيه رغم صغرنا في ذلك الوقت، ما خطر ببالي لحظة أن أكمل دراستي دون صديقاتي، بل ما خطر ببالي أنه يمكن أن تدرس كل واحدة منا في مكان…وفي زمن معين يختلف عن زميلاتها… في كل لحظة أرى فيها مشهداً من المسلسلات القديمة التي كنت أتابعها.. أرى الفرق في الشوارع، والفرق في طرح الموضوع الذي يطرحه المسلسل، كيف كانت معظم المواضيع السياسية هي الرشوة والسرقة، والمواضيع الاجتماعية هي الفقر والمشاكل العائلية، والغريب أنني من بين المسلسلات البوليسية التي تابعتها لم يكن هناك جريمة تجسس أو خيانة عظمى.. لكن لماذا كانت النهاية في تلك المسلسلات سعيدة دائماً ومفرحة أما الآن فالنهاية تعيسة وصادمة؟ أشعر وأنا أكتب كأنني عجوز لكن الفوارق التي رأيتها حقاً تجعلني أشعر كأنني عشت الكثير وعاصرت الكثير… أنا في بلدي لم أخطُ  خارجه شبراً.. لكن أشعر بالغربة فيه.. وحتى لو كنت أستطيع التجوال بين المدن في الحقيقة سأظل أشعر بالغربة لأنني لن أجد فيها ما عرفته من قبل.. أحياناً.. أشعر بالسعادة لأنني عشت تلك اللحظات وتارة أشعر بالحزن أتمنى لو ولدت في الحرب في جوها… أتمنى أنني لم أكن أعرف أن بلادي مشهورة بجمال أماكنها .. أن البحر كان قريب جداً في يوم من الأيام وأن الصيف يوماً ما كان مليئاً بالرحلات والنزهات.. أنه في يوم من الأيام كان أخي يخرج مع رفاقه بين المحافظات ولم يكن هناك هاتف لأطمن عليه ويرسل لي صوره… ومع ذلك لم أخف.. أنه في يوم العيد كان أكبر همي كيف يمكن أن أنظف كل هذه الصحون بسبب اجتماع كل الأقرباء.. أتمنى لو لم تهزني موسيقى المسلسلات القديمة ولا أغاني المهرجانات.. لو لم أكن أعرف مذيعات برنامج صباح الخير و ومحتوى برنامج غداً نلتقي…أتمنى أن لا تعود بي مسلسلات رمضان القديمة إلى ذلك الوقت.. أنني حين أشاهد أفلام الكرتون الآن لا أقول في نفسي أين المبادئ والقيم والبساطة التي كنت أراها في أفلامنا القديمة.. وأن لا أذكر في الشتاء أن الوقود سابقاً يختلف عن الذي موجود أمامي.. أنني لم أعرف يوماً الأسواق القديمة وأنواع الأقمشة السورية… أنني حين أتناول البوظة لا يجول في بالي أن أقربائي كانوا يحضرون من المعامل التي كانوا يعملون بها نوعاً أجود وألذ… وأنني حين أرى الشباب في سن مبكرة يغادرون أوطانهم.. لا يخطر ببالي أن الشباب لم يغتربوا يوماً إلا في أدائهم الخدمة العسكرية أو لتوفر فرص العمل بمبالغ كبيرة جداً.. وكان ذلك نادراً.. أتمنى أن تكف رائحة الشتاء  وغروب شمس الصيف عن تهييج ذكرياتي… أتمنى أن لا يكون في ذاكرتي صورتين لبلدي… 

🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين. 

لينا الأحمد
لينا الأحمد

ـ هل تدركون معنى أنكم تعبدون رباً يعذب في حبس قطة ويغفر في سقيا كلب؟

المقالات: 368

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *