فلا بد أنك تعرف أن أوديسيوس كاد يعود إلى وطنه قبل سنواتٍ طويلة من عودته الفعليَّة.
كانت مدينته إيثيكا على مرأى البصر بالفعل، وباستطاعة بحَّارته رؤية الدُّخان المنبعث من المداخن في بيوت عائلاتهم على الشاطئ،
وصار أوديسيوس واثقًا بأنهم أصبحوا في أمانٍ أخيرًا، لدرجة أنه قرَّر أن يغفو قليلًا حتى يصلوا.
كان هذا عندما حسب رجاله أنه يُخفي ذهبًا في جرابه المصنوع من جِلد الثور، فسرقوا الجراب وفتحوه، فقط ليجدوا أنه يحوي الريح المعاكِسة التي كان خازِن الرِّيح إيولوس قد عبَّأها لأوديسيوس عندما رست سفينته عند جزيرته.
هكذا انطلقت الريح المجنونة من محبسها لتدفع سفينة المقاتل العائد من حرب طروادة ورجاله إلى الوراء عبر البحر الشاسع، الذي كانوا قد قطعوه بمشقَّةٍ بالغةٍ أصلًا، ليتكبَّد أوديسيوس المزيد من المشاق ويواجه المزيد من الصعاب قبل أن ينجح في العودة إلى وطنه من جديد.
يكون الخطر في أوج قوَّته عندما يقترب خط النهاية،
ففي تلك المرحلة تعرف المقاوَمة الكامنة في أنفسنا أننا على وشك الانتصار عليها، وعندها تشنُّ هجومها الأخير وتضربنا بكلِّ ما لديها من أسلحة. هكذا يجب أن يكون المحترِف يقظًا منتبهًا لهذه الهجمة المضادَّة، أن يكون حذِرًا قُرب النهاية، وألا يفتح جراب الريح.